كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| كيف نخدع خوارزميات الذكاء الاصطناعي؟

عندما بدأت منصات التواصل الاجتماعي في الظهور قبل عشرين عامًا أو أكثر، لم تكن الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي بالكثافة التي نراها الآن. فعلى سبيل المثال، بدأ تطبيق فيسبوك في استخدامها على نطاق ضيق بداية من عام 2006، وتعاظم الأمر في 2013 مع إنشاء مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي بالشركة Facebook Artificial Intelligence Research (FAIR).

ومع مرور السنوات وتطور التقنية، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تلك المنصات، حيث ترصد سلوكيات المستخدمين وما يقومون بنشره وما يهتمون بمتابعته من أخبار وصفحات ومنشورات مكتوبة ومرئية، سواء ثابتة أو مقاطع فيديو متحركة.

تظهر نتائج هذا التحليل فيما تقترحه تلك المنصات على مستخدميها من صفحات أو أصدقاء أو منتجات أو خدمات، وهو ما دفع عددًا لا بأس به من المستخدمين للاعتقاد بأن تلك المنصات تتنصت عليهم، ليس على مستوى ما يفعلون وحسب، بل شمل أيضًا ما يتحدثون فيه من أمور، سواء عبر تلك التطبيقات أو في الأحاديث الهاتفية العادية، بل وأيضًا في الأحاديث الشخصية البعيدة عن تلك التقنيات تمامًا، شريطة أن يكون الهاتف المحمول متواجدًا خلال تلك الأحاديث.

بل وتطور الأمر لدى البعض للاعتقاد بأن هذه الرقابة تتم من خلال تسخير الجن والعفاريت أو من خلال قدرة جهاز الراوتر على التنصت وإرسال المعلومات والأحاديث إلى الشركات المالكة للتطبيق من أجل التحليل والسيطرة.

وفي اعتقادي، فإن قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته المتطورة على هذا التحليل العميق والدقيق، وما ينتج عنه من مظاهر تجعل المستخدمين يشعرون بأنهم مراقبون طوال الوقت، هو ما عزز لديهم تلك التصورات وأدى إلى زيادة الإيمان بنظرية المؤامرة، التي لن يستطيع أكثر المستخدمين سذاجة أن ينفيها أو يقلل من آثارها السلبية.

أما عن الحلول التي يمكن أن يحمي بها المستخدم نفسه من سطوة تلك الخوارزميات – إذا استبعدنا التوقف عن التفاعل داخل منصات التواصل الاجتماعي تمامًا – فإنها تشمل العديد من الإجراءات التي قد تقلل من درجة السيطرة، ولكن لن تمحوها تمامًا.

من تلك الإجراءات أن يتعرف المستخدم على كيفية عمل الخوارزميات من خلال ما تعرضه تلك المنصات عليه كمقترحات، وأن يقلل من عرض البيانات الشخصية، ويقلل من الإشارة إلى معتقداته وأفكاره وحالته المادية والنفسية والعاطفية وخلافه. كما تشمل استراتيجية الخداع أيضًا الإدلاء ببيانات غير سليمة أو التفاعل مع منشورات غير محببة أو الظهور والنشر لما يخالف أفكاره أو حالته النفسية، إلخ.

هذا إن شعر المستخدم بالانزعاج وأراد أن يحمي خصوصيته من تغول تلك الخوارزميات. أما من يراها إيجابية ومفيدة وتجعل حياته الرقمية أسهل وأفضل، فعليه أن يستمر كما هو، وفي حالة سيطرة تلك الخوارزميات عليه وعلى مشاعره وسلوكياته، فلا يلومنَّ إلا نفسه.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى