كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| عشرون سؤالًا في ثانية ونصف

منذ عدة أيام وفي الصباح الباكر بينما أنا جالس أقرأ في أحد الكتب الشيقة وأستمع إلى موسيقى كلاسيكية هادئة، حدث فجأة أن اختفى الكتاب والتوى عنقي وارتطمت ساقي بالمقعد الأمامي للسيارة. بالطبع لم أكن أنا قائدها بل كنت جالسًا في الخلف أسلي وقتي ريثما أصل إلى وجهتي المعتادة، وبرغم أن الأمر لم يستغرق أكثر من ثانية ونصف حتى انتهى، إلا أنه وكما سمعت دائمًا ممن مر بهذه التجربة ونجا، أن الثانية تمر دهرا وأن الأفكار تتلاحق بسرعة الضوء وهو ما حدث لي بالفعل، فخلال تلك اللحظات مرت تساؤلات كثيرة بذهني لم أجد لأغلبها أي إجابة، أذكر منها ما يلي:

1. ما هذا؟
2. ماذا يحدث؟
3. هل هي سيارة مسرعة أتت من الأمام أم من الخلف أم من أحد الجوانب؟
4. هل سيتطور الأمر؟
5. هل ستنقلب السيارة؟
6. هل ستتهشم؟
7. هل سأموت؟
8. هل سأصاب إصابة كبيرة وأموت في موقع الحادث؟
9. هل سيتم نقلي إلى أحد المستشفيات القريبة؟
10. هل سأصاب إصابة بالغة؟
11. هل سأدخل إلى حجرة العمليات؟
12. هل سأعود كما كنت أم سأصاب بعاهة؟
13. هل سأموت في غرفة العمليات؟
14. هل سأموت بعد ذلك في غرفة الإنعاش؟
15. هل أنا مستعد للقاء الله؟
16. هل ما تزال في الحياة مباهج لم أمارسها بعد؟
17. هل الأمر كان يستدعي حدوث تلك الحادثة؟
18. هل كان يمكن تجنبها؟
19. هل المسار إلى الجنة أو النار طويلاً؟
20. هل ستتجلى رحمة الله؟

والحقيقة أنني بعد أن توقفت السيارة وتبينت أن الأمر لم يكن بهذا الحجم الذي تخيلته، ربما عنصر المفاجأة هو من هاله، ولكنني بعد أن تأكدت أن شيئًا مما تساءلت عنه سيحدث، اللهم إلا التعرف على أنها مجرد حادثة بسيطة، إلا أنني شعرت باستغراب وخجل، استغراب لكيف أن الحياة تافهة ويمكن فقدها أسرع مما يتصور أي إنسان، وشعرت بالخجل لأن كل الأسئلة كانت خاصة بي، كنت محورها الوحيد في مشهد غاية في الأنانية..

هل هذه هي حلاوة الروح أم إن الأسئلة كانت ستطرق إلى الآخرين إن طالت المدة منذ الارتطام حتى الاستقرار؟ لكن في جميع الأحوال ربما استحضار الموت والآخرة يجعل المرء يفر من الجميع ومن التفكير في أي أمر خلاف ما يخصه هو شخصيًا، لا أدري ولا أريد أن أتذكر الحادث مرة أخرى، نسأل الله السلامة لنا جميعًا.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى