دار في خاطري| يوم أراد الرسول صيامه
كيف تمر الأيام مسرعة؟! فقد أتى العام الهجري الجديد، ومر منه أسبوعا كاملا، وها هو اليوم الثامن من شهر محرم تغرب شمسه لتعلن بدء ليلة التاسع منه.
جلست الأم ومن حولها أطفالها وقالت: من يساعدني في إعداد السحور؟ فهتف الأطفال جميعهم في صوت واحد: أنا، ثم قال أحدهم: لماذا نتسحر الليلة؟! فقالت الأم: لأننا سوف نصوم غدا وبعد غد، هل تعرف لماذا؟ فهز الطفل رأسه بالنفي، فقال أكبرهم: إنه يوم عاشوراء، فقالت الأم: أجل! نصوم يوم عاشوراء فهو سنة مؤكدة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكننا سوف نصوم غدا أيضا، فمن يعلم لماذا نصوم يومي تاسوعاء وعاشوراء؟
لم تجد الأم إجابة على سؤالها فقالت: إن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما دخل المدينة المنورة وجد اليهود يصومون يوم العاشر من شهر محرم، فعندما سألهم عن سبب صيام ذلك اليوم، قالوا إنه يوم نجى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام، فقال الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: “أنا أولى بموسى منهم” وصامه الرسول، واحتسبه عند الله أن يكفر ذنوب العام الذي قبله.
فقال أحد الأطفال: هذا يوم عاشوراء، ولماذا إذن نصوم تاسوعاء؟! فقالت الأم: لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع” ولكن عندما أتى العام المقبل كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد توفي، لذا نحن نصوم يوم التاسع من محرم.
رغب الأطفال في صيام يومي تاسوعاء وعاشوراء وذلك لإحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت الأم: إن إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليست فقط في صيام هذين اليومين، بل هي كثيرة نجدها يوميا مع صلاة الفروض، نجدها في قيام الليل، وصلاة الضحى، وصوم ستة أيام من شوال، ونتبع كل ما أمرنا به النبي، وننتهي عما نهانا عنه، فقال أصغرهم: إنني أحب النبي صلى الله عليه وسلم، وسوف أتبع سنته من اليوم، وقال الباقين: ونحن أيضا، فقالت الأم: إذن هيا فلنكثر من الصلاة والسلام عليه.
ثم ذهبت الأم إلى المطبخ لإعداد السحور، ورافقها الأطفال لمساعدتها، وهم جميعا يرددون بصوت عال:” اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم”.