في أحد أركان مكتبة قديمة، كان هناك طفل صغير يتصفح كتابًا باللغة العربية، تنقلت عيناه بين السطور بحماس، لكن هذا الحماس كان سرعان ما يتلاشى بين جدران زمن أصبح فيه البعض ينظر إلى لغتنا كأنها حبر على ورق قديم.. اليوم في زمن العولمة وسيطرة اللغات الأجنبية يظل اليوم العالمي للغة العربية يومًا يحمل رسالة صادقة: “اعتز بلغتك؛ لأنها هويتك.. تاريخك.. وقوتك”.
اللغة العربية التي يتحدث بها أكثر من 400 مليون شخص حول العالم، ليست مجرد كلمات ونحو وصرف، بل هي مرآة ثقافة غنية وتاريخ ممتد.. وفي حوار خاص لمنصة «كلمتنا» مع محمد عبد المنعم، أمين عام اتحاد الناشرين المصريين، يؤكد الدور المحوري للناشر في الحفاظ على هذه الهوية وتعزيز مكانة اللغة العربية وسط زخم اللغات الأجنبية.
“اللغة لها هوية ترتبط بالثقافة، بالتاريخ، وبالقوة الناعمة لأي أمة”، هكذا استهل محمد عبد المنعم حديثه عن اليوم العالمي للغة العربية، والذي يُحتفل به في 18 ديسمبر من كل عام، بعد اعتراف الأمم المتحدة باللغة العربية لغة رسمية في عام 1973.
وأشار عبد المنعم إلى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي تراثٌ ثقافيٌ وتاريخي يعكس عمق الأمة العربية وحضارتها، قائلاً: “عندما تكون اللغة قوية، فإنها تُعطي انطباعًا عن هوية قوية وتراث غني وثقافة عظيمة، خاصةً أن اللغة العربية يتحدث بها أكثر من 400 مليون شخص حول العالم”.
يضيف عبد المنعم: “اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وبذلك تفرض نفسها بقوة في العالم كله، حيث يسعى الكثيرون لتعلمها من أجل قراءة القرآن بلغته الأصلية.”
وعن دور مصر في دعم اللغة العربية، أكد عبد المنعم أن مصر من الدول الرائدة في إنشاء المَجمعات اللُّغوية لتأصيل اللغة وتعليمها، مشيرًا إلى دور مركز اللغة العربية في “أبوظبي”، باعتباره مثالًا ناجحًا لدعم وتعزيز مكانة اللغة العربية.
الناشر ورسالة الحفاظ على اللغة العربية
تحدث محمد عبد المنعم عن دور الناشرين باعتبارهم حراس اللغة وحاملي رسالتها، قائلًا: “الناشر هو مَرآة الثقافة، وواجبه تعزيز دور اللغة العربية في كتبه وإصداراته، ويجب أن تكون اللغة العربية واضحة وجاذبة للقارئ، وهذا ما يجعل القارئ يقع في حبها بسهولة”.
وأضاف: “يا للأسف، هناك ظاهرة التوجه للكتب الأجنبية، لكن دورن الناشرين مهم في تقديم محتوى عربي منافس يجذب القرّاء، ويُظهر جمال اللغة العربية وبساطتها، فهي لغة قادرة على إيصال المعنى بطرق متعددة وبأسلوب سلس وجذاب”.
ووجه عبد المنعم نصيحة لكل ناطق باللغة العربية: “اعتز بلغتك، فهي ليست مجرد أداة للتعبير، بل هي جزء من هويتك وانتمائك لأمة ذات تاريخ وحضارة”.
