هل فكرت يوما في الموت؟! هل تخشاه؟! هل يزعجك؟! هل يؤلمك؟! ماذا يعني لك الموت؟! أهو المصاب العظيم؟! أم هو السهل اليسير؟!
إن كلمة الموت من أصعب الكلمات التي ترجف عند سماعها القلوب، وترتعد منها الأبدان، فهو أمر عظيم، يخشاه الجميع، فتجد من يخاف منه على نفسه، وتجد من يخاف على من يحب، وذلك على الرغم من أنه حقيقة مؤكدة لا مناص منها، ولكن هذه طبيعة البشر، يخافون المجهول، ويخافون الفقد والوحدة.
ولكن هل تغير مفهوم الموت لدى البشر في الآونة الأخيرة؟! إن المفهوم لم ولن يتغير بطبيعته ولكونه اليقين، ولكن ما يتغير هو نظرة البشر له، فربما لم يعد بالأمر العظيم ذلك لأنه أصبح يتكرر مرات عدة في اليوم الواحد، أو ربما أصبح هو الملاذ لضعاف النفوس، فتجد من لديه عائق أو مشكلة بسيطة يلجأ إما للقتل وإما للانتحار، أو انه تغير من ناحية واحدة وهي خوف الإنسان من فقدان من يحب، وربما يعود ذلك لأن الحب تغير لدى البشر، فلم يعد مشاعر حقيقية بل كلمات جوفاء خاوية، ولكن يبقى خوف المرء على نفسه من الموت.
ولكن هناك أمر خطير ينتشر خاصة بين الأطفال وهو التعلل بموت الجد أو الجدة، وأحيانا يمتد ليشمل العم أو الخال، حتى وإن كانوا على قيد الحياة، إن ذلك الأمر لم يكن موجودا من قبل، فلماذا أصبحت كلمة “مات فلان” هي الأسهل لديهم؟! ألأنهم لم يدركوا المعنى الحقيقي لها؟! أم أنهم يفتقدوا حبهم لهؤلاء ممن أماتوهم أحياء؟! أم أنها الحجة الأقوى في هذه الأيام؟! أم أن الألعاب الإلكترونية لها دورا أساسيا في هذا الأمر؟!
في رأيي أن جميع هذه الأسباب شكلت داخل الطفل فكرة الموت اليسير ولكن الألعاب الالكترونية كانت لها الدور الأكبر، حيث أن الطفل يجد بطل اللعبة يموت ويعود للحياة أكثر من مرة، أو أنه يقتل أعداءه ويستخدم في قتلهم الوسائل المختلفة لكي يصبح هو الفائز، هذا بالإضافة إلى أن تلك الألعاب تجعل الطفل يحيا داخل عالما رقميا خاصا به، منعزلا عن عالم الواقع، فيفقد الترابط والدفء الأسري، لكن لا لوم على الطفل فهو يرى والديه كذلك يفعلون، فلماذا لا يفعل هو أيضا؟!
إن الحياة الالكترونية الحديثة ساعدت بشكل كبير في تفكك الأسرة، فأصبح لكل فرد فيها عالما خاصا به، يرفض الخروج منه أو إدخال أحدا إليه، وبالنسبة للطفل فعالمه دائما يكون في اللعب وبين الألعاب، والعالم الإلكتروني يوفرها له بدرجة كبيرة، فتجد الأطفال كثيري استخدام هذه الألعاب يفضلون العزلة، لا يتفاعلون بشكل إيجابي مع باقي أفراد الأسرة، فتجد الطفل منهم تتجمد مشاعره، فيصبح بالنسبة له غيابهم أو فقدانهم أمر هين ويسير.
لذا فلابد من تحديد أوقات لتجتمع فيها الأسرة للحديث، للمناقشات، لللعب الجماعي والمرح خاصة مع الأطفال، لعرض مشاكل كل فرد واقتراحات لحلها، بالإضافة إلى اجتماع الأسرة حول مائدة الطعام لكي تعود الروابط قوية بين الأفراد، ويعود الحب والمودة بين الأفراد فتلين القلوب وتعود إليها الرحمة.
نبذة عن الكاتبة
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: