أصل الأسطورة| الهولندي الطائر
سفينة أشباح لا يمكنها أبداً أن ترسو في ميناء، ومحكوم عليها الإبحار في المحيطات إلى الأبد، يعود تاريح أسطورة سفينة “الهولندي الطائر” إلى أوائل القرن الثامن عشر.
كان البحارة يقولون بأنهم يرون سفينة تنبأ رؤيتها بحدوث المصائب والكوارت والهلاك المحتوم، على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على وجودها ولكن ما حكاية سفنية “الهولندي الطائر”.
بدأت الحكاية في أوائل القرن الثامن عشر، بالقرب من “رأس الرجاء الصالح” كانت السفن آنذاك تستخدم هذا المسار حول “الرأس الأخضر” في جنوب أفريقيا، في رحلاتها من أوروبا إلى قارة آسيا، وخلال هذه الرحلات؛ ذهبت سفينة واحدة دون رجعة.
انطلق القبطان “هندريك فن دير ديكن” أو كما أطلق عليه “الرجل الهولندي” من ميناء “أمتسردام” متجهًا نحو “الهند الشرقية” وهناك شحن سفينته بالتوابل والحرير والدهان ليعيد بيعها في “هولندا”.
وبعد أن شحن سفينته انطلق عائدًا إلى “أمتسردام” في عام 1641م، وعندما طافت سفينته حول “رأس الرجاء الصالح” هبت عاصفة بحرية هوجاء في الأفق، فتوسل طاقم القبطان وطلبوا منه تغير مسار الرحلة ولكنه أصر على التقدم دون نقاش.
فأخذت السفينة تبحر نحو العاصفة؛ فصرخ طاقم القبطان بهلع عندما بدأت العاصفة تدمر السفينة فتحطمت وغرقرت بكل من فيها في قاع المياه الإقليمية الجنوب أفريقية ومن هنا بدأت تظهر حكاية “سفينة الهولندي الطائر” واللعنة التي تلاحق كل من يلحمها، اعتقد وقتها البحارة أن من على السفينة مازالو أحيا ولكنه في صورة أشباح وأن السفنية ستظهر من حين لآخر.
فبعد أعوام في عام 1881 م، كان الملك “جورج الخامس” ملك “إنجلترا” يبحر مع شقيقه الأمير “ألبرت فيكتور” يبحرون قرب “أستراليا” كجزء من رحلة إبحار دامت ثلاثة أعوام على متن سفينة لـ “آيتش إم آس باشاتت” البريطانية.
وهناك في تمام الساعة الرابعة فجرًا؛ برزت لهم سفينة “الهولندي الطائر” في ضوء أحمر متوهج وعندما أقتربوا من السفينة لم يعثروا عليها وبعدها بلحظات؛ سقط عضو الطاقم من على قمة الصاري الرئيسي ومات على الفور، بعد أن كان أول من شاهدها.
وبعد أن عاد “جورج الخامس” من رحلته؛ حكى ما حدث، فصدقه البعض وكذبه البعض وفي عام 1939م، أدعى سكان مدينة “كايب تاون” في”جنوب إفريقيا” أنهم رأوا سفينة مبحرة بشكل كامل قبل أن تختفي عن أنظارهم في المح البصر.
وخلال الحرب العالمية الثانية؛ وردت تقارير عن طاقم إحدى الغواصات الألمانية، انهم قد رأوا سفينة تبحر في قناة السويس وتتوهج بالضوء الأحمر.
كان لا بد أن يكون هناك تفسير علمي محتمل لكل هذه القصص، فقد قال العلماء أن هناك ظاهرة ضوئية فزيائية تعرف باسم الـ “فاتا مورغانا” عبارة عن نوع من السراب يحدث عندما تنكسر أشعة الضوء وتلتوي عند مرورها عبر طبقات من الهواء متفاوتة الحرارة.
وهذا ما قد حدث للملك “جوج الخامس” و طاقم إحدى الغواصات الألمانية وربما خيل لهم رؤية السفينة بسبب تأثير حكايتها وعندما يقتربوا يختفي الضوء.
كان لابد أن يكون لكل هذه القصص والتقارير تفسير علمي محتمل، وهو ما يعرفه العلماء على أنه ظاهرة ضوئية فيزيائية تعرف باسم الـ(فاتا مورغانا) أو ”الآل“، وهي نوع من السراب الذي يحدث عندما تنكسر أشعة الضوء وتلتوي لدى مرورها عبر طبقات من الهواء متفاوتة الحرارة.
العجيب في الأمر أن البحارة على علم بتلك الظاهرة الفزيائية ولكن بعضهم يعجز عقلة عن استعياب عدم وجود سفنية “الهولندي الطائر” وأصبح لديهم يقنين انها موجودة بالفعل وعند رؤيتها تحدث الحوادث والكوارث.
ولعل ذلك الأعتقاد كان سبب في ظهور شخصية “ديفي جونز” في سلسة أفلام قراصنة الكاريبي، ولكن هناك بعض الظواهر المتعلقة بـ ما وراء الطبيعة لها وجود بالفعل؛ سوف أتحدث عنها كل ثلاثاء بإذن الله.
المصدر
الهولندي الطائر لـ اناتولي كودريافلتسكي
الهولندي الطائر لـ ريتشارد فاغنر
بقلم:
أحمد الرفاعي