كاتب ومقال

الكتابة وناسها| الكاتب بين سندان الشهرة ومطرقة دور النشر

بقلم: عبد الرحمن السواح

عبد الرحمن السواح

منذ أيام ودَّعنا معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ هذا الملتقى الثقافي الأكبر على مستوى الوطن العربي.

وعلى الرغم من وجود بعض التحفظات على طريقة الإدارة والتنظيم، ومع بدء التجهيز لانعقاد الدورة القادمة، إلا أننا لا نستطيع أن ننكر الجهود المبذولة لإتمامه، وظهوره بصورة تحافظ على واجهة الإنسان المثقف، ومصر بصفة عامة، كما نطالب القائمين عليه بالمزيد من بذل الجهد.

ومع اقتراب الدورة القادمة، والمقدر لها الانعقاد في يناير ٢٠٢٢ بدأت دور النشر في حملاتها الإعلانية عن قبول أعمال الكتاب والمبدعين، واستقطاب فئة الشباب بالتحديد، لنشر أعمالهم، وفق سياسات الدار، غير القابلة للمناقشة.

ويختلف تقييم دور النشر – مؤخرًا- في تعاملها مع الكاتب ما بين (السيئ والأسوأ) وأعتقد أن الأمر ليس سوى انعكاس للصورة التي أصبح عليها المؤلف (غير المبدع طبعا).

حيث انقسم الكاتب في وقتنا إلى خمسة أنواع:

1 – كاتب الفلورز: وهو غير مبدع، لكنه يمتلك عددًا كبيرًا من الأصدقاء على حساباته الشخصية (الفيسبوك – تويتر – الانستجرام)، ولديه عدد كبير من المتابعين، أغلبهم في سن المراهقة أو أكبر بقليل.

تمكنه هذا المقومات من جعله كاتبًا، تحرص دور النشر على التعاقد معه بشروط خاصة تميزه بها دون غيره، لأنها في المقام الأول تهتم بالربح المادي، الذي يأتيها من خلال زيادة نسبة المبيعات، إضافة إلى الشهرة المجانية التي تنالها الدار الناتجة عن عدد التفاعلات على حساب الكاتب.

بالمناسبة – أعرف دار نشر- تشترط في بنودها أن يضمن لهم المؤلف بيع ٥٠ نسخة أو أكثر من عمله بمعرض الكتاب، وإلا صار الكاتب خارقًا لبنود التعاقد، وللدار الحق في التصرف معه حسب ما تراه.

2- الكاتب المرجاني: على الأغلب يكون رجل أعمال، أو شخصًا ثريًا، حقق أحلامه المادية، لكنه يشعر بالنقص المعنوي، فيحاول سد هذا النقص بادعاء الثقافة.
وتحرص دور النشر أيضًا على التعاقد معه، لأنه يمثل لها ركيزة أساسية في تحقيق مبيعاتها، حيث يقوم بنفسه على شراء جميع نسخ عمله، وقد يقوم بشراء الدار نفسها.
لكنه في الوقت ذاته قد لا يستطيع كتابة جملة واحدة بطريقة صحيحة، وطبعا لا يهتم بالقراءة.
هذا النوع اتجه إليه الآن معظم المشاهير من اللاعبين أو الممثلين أو الإعلاميبن، وهو أمر يشبه أسلوب الكفالة؛ أي أن الكفيل بما يمتلكه من نفوذ وثراء يستطيع أن يدخل في كل المجالات (الفن، الرياضة، الكتابة، السياسة..).

3- الكاتب الحلو: هذا النوع من الكتاب يكون لديه نقص حاد في عملية الإبداع، يحاول تعويضها باستغلال مقوماته الأخرى؛ مثل قوامه الممشوق، أو عينيه الساحرتين، أو شعره الناعم.. إلى غيرها من المقومات التي وهبها الله له، والتي تفتح النفس على القراءة، (واللهم لا اعتراض على حكمك).

وتكون الدار حريصة على التعامل معه/ا سواء في إطار الكتابة أو غيرها، وربما أصبح لهذا الكاتب ماركة مسجلة باسمه، أو تولى أمورًا تسويقية للدار، بعيدة عن كل البعد عن الجزء القليل من الإبداع الذي يمتلكه.

4- الكاتب الواجهة: هو كاتب مشهور، ويعرف أنه كذلك، لكنه لا يدرك تماما جودة ما يقدمه.
وتكون الدار حريصة على التعاقد معه، لأنها تضمن تحقيق نسبة عالية من المبيعات، حتى لو كتب عمله بالخراء بدلا من الحبر.

5- الكاتب الأكاديمي: الكتابة عن هذا النوع شائكة جدًا، لأن صاحبها في الأغلب يكون أستاذًا في الجامعة، أي متمرس في الكتابة، ولديه مؤلفات يقوم بتدريسها للطلاب.
لكنه لم يقتنع بعد أن عملية الإبداع مختلفة تماما عن الحشو الذي يملأ به مقرراته التدريسية.
أعرف أستاذًا قرر استغلال موسم الموت (الكورونا) وأصدر ديوانًا شعريًا عنه، ثم قرر كتابة مجموعة قصصية، ثم قرر كتابة رواية.
هذا النوع يتعامل مع عملية الإبداع كما يتعامل رجل له دجاجة يقوم على تربيتها ليضمن لنفسه كل يوم بيضة أو بيضتين يتغذى بهما، هو أيضًا قرر أن يبيض علينا كل موسم كتابًا أو كتابين! ربما الفرق الوحيد بينه وبين الفرخة هو أن بيضه لن يغذينا ولا يفقس.

هناك نوع أخير نسيت إدراجه، وهو (الكاتب الحقيقي) وهذا النوع لا يمتلك سوى قلمه، لذا لن يهتم بما سيكتب عنه.

 

نبذة عن الكاتب

عبد الرحمن السواح

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

خريج كلية دار العلوم، وحاصل على الماجستير في البلاغة والنقد الأدبي

صدر له رواية “حضرة المجذوب”
له مجموعة قصصية “تحت الطبع”

للتواصل :

[email protected]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى