كاتب ومقال

دار في خاطري| فانوس رمضان

كتبت: ريم السباعي

لقد اقترب موعد حضور الضيف، ضيف غالي على قلوب الجميع، وكما يحدث دائما مع كل ضيف عزيز تتم الاستعدادات لاستقباله حتى تكون فترة ضيافته مغمورة بالبهجة والسعادة، أجل! إنها الأيام الأخيرة من شهر شعبان، ورمضان ضيف نحسن استقباله، فيسعد الصغير والكبير بالاستعداد له وبقدومه.

وعلى أنغام أغاني رمضان الجميلة المنبعثة من النوافذ هنا وهناك، جلس شريف على فراشه حزينا يفكر في أمر يؤرقه، شريف إنسان طيب القلب، يحب مساعدة الجميع، سعادته هي أن يرى جميع من حوله سعداء، وعلى الرغم من أنه لم يتجاوز الخامسة عشر، إلا أنه لا يدخر جهدا في تقديم المساعدة للكبير والصغير، ولكنه اليوم يشعر بالحزن لأنه لا يستطيع إدخال السرور على قلوب الأطفال.

فلقد اعتاد الأطفال في مثل هذا الوقت من كل عام أن يجتمعون بشريف ومعهم الأموال التي قاموا بتجميعها من جميع الجيران، حتى عم شنودة النجار كان يعطيهم مبلغا كبيرا من المال، ثم يذهبون لشراء الزينة، والأنوار، وقد أحب شريف شراء فانوس كبير يعلق في وسط الشارع ينيره طيلة ثلاثون يوما، وفي اليوم الثالث من عيد الفطر يهديه لأحد الجيران يتم اختياره كل عام عن طريق الاقتراع.

أما ما حدث هذا العام هو أن المال الذي تم تجميعه لا يكفي لشراء كل ما يلزم، فلقد ارتفعت الأسعار كثيرا وليس باستطاعة الأسر دفع المزيد من أجل الزينة، فكان يرى الحزن في عيون الأطفال كلما مر يوم واقترب مجيء الشهر الفضيل.

مضى شريف يفكر في حل ليدخل السعادة على قلوب جميع الجيران كبارا وصغارا، وفي نهار التاسع والعشرون من شهر شعبان، برقت بخاطره فكره، وراح يحث الأطفال بأن يجمعوا جميع ما لديهم من أوراق غير مرغوب فيها، وزجاجات بلاستيكية مستعملة، بينما أحضر هو ألوانه التي يستخدمها عند الرسم، ومادة لاصقة، ومن ثم جلس برفقة الاطفال يقص الأوراق ويلونها حتى صنع منها زينة جميلة لتزيين الشارع، أما الزجاجات فقد صنع منها فوانيس وزينها كذلك بالورق الملون وذلك لتعلق عند كل بيت، أما الأموال التي جمعتها الأسر فقد ابتاع بها مصابيح لإنارة الشارع، وأخرى أصغر حجما لتركب بالفوانيس.

سعد الأطفال سعادة كبيرة، فقد تم تزيين الشارع، وهم من صنعوا الزينة بأيديهم، ولكنهم كانوا يفتقدون الفانوس الكبير الذي يعلق وسط الشارع، قال شريف بصوت عال: كيف أصنع فانوسا كبيرا؟! فآتاه الجواب في الحال من عم شنودة الذي ظهر أمامه وبحوزته قطع من الخشب ويقول: بإمكانك صنعه إذا استطعت الاستفادة من بقايا الأخشاب هذه، غمرت شريف فرحة كبيرة، وأخذ الأخشاب وراح يصنع منها الفانوس، والأطفال يساعدونه حتى انتهى ليكشف عن فانوس كبير وجميل، هلل الأطفال فرحا حين علق الفانوس وأشعل، وشكر شريف عم شنودة.

رفع آذان المغرب، وتلاشى الضوء إثر غياب الشمس وأعلن مفتي الديار أن غدا أول أيام الشهر الكريم، فتعلو الأصوات مهللة فقد حل الضيف وهلت البركة.

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى