حياتنا مليئة بمختلف الشخصيات، ومن بين هذه الشخصيات ما يُعرف بالشخصية السامة، وسُميت بالسامة لأنها تنفث السم في حياة أي شخص يتعامل معها، فهذه الشخصيات دائماً تظهر بالصورة المثالية ولكنها تُظهر أنيابها في الوقت المناسب فهي تعرف ماذا تفعل ولكن بدون وعي من الشخص أنه يعاني من اضطرابات نفسية في شخصيته، وأوضحت جامعة “فريدريش شيلر” بألمانيا في دراسة أجرتها، أن الأشخاص السامّين في غاية الخطورة..
وأوضحت أيضًا أن التعرض للمنبهات التي تؤثر على الدماغ بالسلب، هو نفس التأثير الذي نتعرض له عندما نتعامل مع شخصية سامة، لأن الشخصيات السامة تستنزف طاقتنا الإيجابية وتستنزف أيضًا طاقتنا العاطفية وتتركنا تحت ضغط وتوتر وكسرة قلب..
ومن المهم أن نعرف سمات وصفات هذه الشخصيات وكيفية التعامل معها، ومن هنا كان لمنصة “كلمتنا” هذا الحوار الصحفي مع الدكتور “إسلام رمضان” دكتور الصحة النفسية بجامعة عين شمس..
• ما هي الشخصيات السامة وهل ينصح الطب النفسي بالابتعاد عنها؟
إذا كنت سأضع تعريفا للشخصية السامة فسيكون مختلفا ومختصرا بعض الشئ وهي الشخصية التي تتعمد أن تضُرك وأن تُسئ إليك، لأن الأخطاء والإساءات واردة في العلاقات بكافة الأشكال، ولكن من يتعمد فعل ذلك فهو من نستهدفه بالحديث ونقول عليه بأنه سام، الأمر أشبه بالطعام، ربما يفسد الطعام بالإهمال أو لأنه لم يتم إعداده جيدًا فتتسمم منه، وهذا لا نقول عليه سام بالمعنى الحرفي بل نقول كان الطعام حامضًا.
أما إذا وضع شخص ما السم على الطعام فهو من نقصد أن نقول عليه سام بالفعل ويجب أن نبتعد عنه على الفور، لذلك فإن من يتعمد إيذاءك فهو الذي يُسمم العلاقة بتصرفاته فتفسد، حتى تنتهي.
• ما هي أنواع الشخصيات السامة؟ وما هي صفات وسمات كل شخصية من هذه الشخصيات؟
هُناك ثلاث أنواع من الشخصيات في علم النفس يقولون عنها الثالوث المظلم للشخصية، وهي شخصيات سامة لدرجة يحتاج معها الشخص سنوات ليتعافي منها إذا مرت علي حياته..
فلنبدأ بـ”الشخصية السيكوباتية” ويحدد الطب النفسي لها مجموعة من الصفات، ولابد أن يتوفر في الشخص ثلاثة أو أكثر منها لكي نطلق عليه شخصية سيكوباتية وهم:
1. الإخفاق في مسايرة المعايير الاجتماعية والحدود القانونية إلى حد إمكانية التعرض لأن يقبض عليه ويحاسب قانونيًا.
2. الخداع والغش، كما يظهر في الكذب المستمر، أو النصب على الآخرين.
3. الاندفاعية وعدم القدرة على التخطيط للأمام.
4. سرعة الغضب والعدوانية والاعتداءات المتكررة على الآخرين والمشاجرات الجسدية.
5. الاستخفاف الطائش بسلامة الذات والآخرين.
6. الميل إلى عدم تحمل المسئولية في العمل أو المراوغة لعدم الوفاء بالالتزامات المالية.
7. الافتقار إلى القدرة على الشعور بالندم، كما يظهر في اللامبالاة بالألم أو الأذى الذي يسببه للآخرين وتبريرهم غير المقنع لدوافعهم العدوانية.
ثم تأتي “الشخصية النرجسية” لابد أنكم سمعتم عن بعض صفاتها مؤخرًا، ولكن معظم ما يروج عنها خاطيء، لأنه صادر عن غير المتخصصين، ولكن الطب النفسي حدد لها مجموعة من الصفات، ولا بد أن يتوفر في الشخص خمسة أو أكثر منها لكي نطلق عليه شخصية نرجسية وهم:
1. يكون لدى الفرد إحساس مبالغ فيه بأهميته (كأن يبالغ في إنجازاته ومواهبه، ويتوقع أن يقدره الآخرون كشخص مرموق).
2. يتملك الفرد تخيلات متعلقة بما ينسبه الفرد لنفسه من جمال وذكاء ومثالية وقوة.
3. اعتقاد الفرد بأنه متفوق ومتفرد وشخص له وضع خاص ومميز.
4. الحاجة الشديدة للإعجاب من الآخرين ويبدي غضبًا إذا لم يقوموا بذلك.
5. يتوقعون تلقي معاملة خاصة وتفضيلهم وتمييزهم عن الآخرين.
6. يكون الفرد استغلاليًا للآخرين ليحقق أهدافه أو ليحصل على مزايا أو منافع منهم.
7. يفتقد للقدرة على التعاطف مع الآخرين (ليس لديه رغبة في معرفة مشاعر الآخرين أو حاجاتهم).
8. غالبًا ما يكون الفرد حسودًا للآخرين أو يعتقد أن الآخرين يحسدونه.
9. يقللون بطريقة قاسية من إسهامات الآخرين، وتتصف تصرفاتهم بالاحتقار والنقد والغطرسة والتكبر والازدراء والتعالي.
ثم تأتي بعد ذلك “الشخصية الميكيافيلية“، وعادةً ما يتصف أصحاب الشخصية الميكافيلية بالعديد من الصفات البارزة التي تميزهم عن غيرهم، وهي المصلحة فهو يبحث عن مصلحته فقط، تربطه بك علاقة عندما يكون لديه مصلحة معك، ليس هذا فقط فهو شخصية متلاعبة بامتياز واستغلالية، وكل الوسائل عنده مباحة إذا كانت ستحقق مبتغاه في النهاية.
ينطبق عليهم مقولة “الغاية تبرر الوسيلة”، ويلجئون إلى المديح والإطراء المبالغ فيه في العديد من المواقف لكسب ثقتك وليحققوا من خلالك مصالحهم وأهدافهم وينتهي كل ذلك ويتبخر عندما يحققون ما يريدون.
ينتقدون الأعمال الخيرة بشكل مستمر لأنهم مقتنعون أنه لا يوجد أشخاص يفعلون الخير دون مصلحة من وراءه، ويعطون الأولوية للحصول على المال والسلطة وكل شئ مباح في سبيل تحقيقهما.
• اختلفت أقاويل الدكاترة النفسيين والاستشاريين حول علاج الشخصية النرجسية، منهم يقول تُعالج ومنهم يقول يستحيل علاجها، ما رأيك في هذا الكلام؟ ومع أي مدرسة رأيك ينتمي؟
الشخصية النرجسية يمكن علاجها وتعتبر هي الأكثر حظًا في العلاج من أنواع الشخصيات الأخرى، الأمر يعتمد فقط على الاعتراف بالمشكلة وبالاعتماد على معالج نفسي متخصص في علاج اضطرابات الشخصية، ربما الأمر لن يستغرق وقتًا طويلاً لعلاجها لتعود إلي توازنها، ولكن المشكلة في الشخصيات التي تأخذ على عاتقها مسئولية شفاء الشخصية النرجسية وليسوا من المتخصصين ربما من المعجبين بهذه الشخصية والمؤمنين بإمكانية تغييرها ولكنهم يدفعون الثمن بالنهاية غاليًا، لذلك نصيحتي لكم خذوا بأيديهم لأقرب دكتور نفسي واتركوا الأمر لأهل التخصص.
• ما هي نقاط ضعف الشخصيات السامة؟
الشخصية السامة يوجد بالطبع لديها نقاط ضعف، ربما الشخصية النرجسية نقطة ضعفها هو أن تفقد تقديرها أمام الناس، هذه هي النقطة الأكثر هشاشة لديهم والتي يخافون منها وهي أن يكشف أحدهم حقيقتهم أمام الجميع ولكن أحذر فسوف يتحول إلى وحش يلتهمك كأنك مسست طفلته، لأن تقدير الآخرين له ولشخصيته هي أعظم ما يتفاخر به، وهي الصورة التي ظل سنوات يرسمها للجميع.
أما الشخصية السيكوباتية نقطة ضعفها هو القانون، لأن ألاعيبهم عادة ما تأخذ شكل من أشكال التلاعب بالقانون والنصب وغيره، فلا يتم التهاون في معاقبتهم بالطرق القانونية.
والشخصية الميكافيلية هي الشخصية الأصعب لأنها أما تمتلك السلطة أو تحتمي بأهل السلطة من خلال تملقهم، وربما نقطة ضعفها الوحيدة هو أن يكتشف نفاقها وكذبها أمام الجميع ولا يصدقها أحد بعد ذلك.
ويعتبر هذا المقياس للشخصية النرجسية هو من أفضل المقاييس التي قابلتها لقياس الشخصية النرجسية ويعيطك النتيجة بعد الانتهاء من الاختبار ولكن مشكلته أنه باللغة الإنجليزية.
• وأخيراً كيف نتعامل مع هذه الشخصيات السامة؟
هُناك طريقة معروفة في علم النفس يطلق عليها الصخور الرمادية The Gray Rock،
وهي من الطرق المعتمدة في التعامل مع الشخصيات السامة خاصة عندما لا يمكنك قطع علاقتك بهم، وهي أن تتعامل معه ببرود أبرد شخص قابلته في حياتك، ويتضمن التعامل معهم:
1. الرد بإجابات قصيرة ومن كلمة واحدة ومحايدة قدر الإمكان.
2. لا تتحاور معه إلا للضرورة واجعل الحديث سطحيًا قدر الإمكان.
3. عدم مشاركة أي آراء أو معلومات شخصية معهم أو ائتمانهم على أي شئ مادي أو معنوي.
4. عدم القيام بدور المنقذ أو التورط في حياتهم الشخصية لأنك من سيدفع فاتورة ذلك في النهاية.
5. عدم مشاركة مشاعرك الحقيقية معهم أو إنجازاتك لأنهم سيستهزؤون بها.
6. عدم إخبارهم بأنك صخرة ولديك قدرة كبيرة علي التحمل فيتكئون عليك أكثر.
7. لا تظهر ألمك أو ضعفك لهم، وتظاهر بالقوة قدر الإمكان حتى لا يستغل نقاط ضعفك.
8. حافظ على حدودك معه ولا تتراجع عنها مهما حاول أن يتخطاها بكافة أشكال التلاعب.
9. لا تستجب لأي طلب له حتي يستجيب لطلباتك.
10. عليك حماية نفسك لا حمايته.
الهدف من هذه الطريقة هو قطع طاقتك عن هؤلاء الأشخاص الذين يستنزفونك عاطفيًا وخلق مسافة آمنة، وهذا من شأنه أن يجعل الشخص الآخر يمل ويفقد الاهتمام بك من نفسه.