كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| اشغل نفسك بنفسك

عارفين المثل اللي بيقول: “خليك في حالك بدل ما يجرا لك”.. اهو دا حال الأغلبية دلوقتي مع كل حدث أو موضوع أو حتى مصيبة، نلاقي ناس مستعدين يحكوا ويفتوا ويحكموا كمان.. وهنا يتحول الفاضي لقاضي.

والفاضي هنا ليس فقط بمعنى الشخص الذي لديه وقت فراغ كبير، لكن أيضًا له معنى آخر، وهو الشخص الفاضي من الداخل، الذي ليس لديه هدف في الحياة ليعطيها قيمة. عمومًا، الاثنين يؤديان لنفس النتيجة؛ لأن من لا يعرف يستثمر وقته جيدًا، أكيد حياته ستتملي بكل ما هو ضار، ومن ليس لديه هدف لحياته، ليس من المستغرب أن ينشغل بحكم على حياة غيره، ظنًا منه أنه بذلك يعطي لحياته معنى.

السبب الرئيسي هو الفراغ الذي منحهم الحق في الحكم على نوايا الناس، وليس فقط على ظواهر الأمور. فأصبحوا محللين نفسيين يقرأون بواطن الأمور ويحللون ويستنتجون ما يريدون، ثم يطلقون الأحكام بناءً على ما رأوه من وجهة نظرهم.

والغريب أن الذين يحكمون على غيرهم يقومون بذلك بكل سهولة، من غير فهم أو وعي ببواطن الأمور. هنا يقع خطر كبير، وهو ما يسميه علم النفس “الإسقاط”، حيث يرون أخطاءهم ويشعرون بضغط نفسي، لكنهم يحاولون الهروب منها، فينسبونها لغيرهم ليشعروا أن ذنوبهم أقل.

ومع كل هذا الكلام، يطرح السؤال: لماذا نحكم على نوايا الناس، وهي ليست من حقنا ولا نحن مؤهلون لذلك؟ والسؤال الأهم هو: أنت تحكم بأي صفة؟ هل أنت عارف أن حكمك أكيد مش هيكون عادل، وأنه هيؤذيهم؟

ومش أفضل لك بدل ما تشغل نفسك بغيرك وبحياتهم، أن تشغل نفسك بنفسك؟ خلي عينك تبص على نفسك وتقيمها، شوف حياتك أنت.. اشغلها بما يفيدك، حاول تستثمر وقتك في ما يفيد.

ربي نفسك يا أخي، ووقتها بس هتفهم أنك مش كامل. اجري وحاول تعرف ناقصك إيه، وما هي عيوبك؟ وهتعرف أن الأجدر بك هو أن تحكم على نفسك أولًا، وبعدها تبص لغيرك ليس لتحاكمهم، ولكن لتساعدهم على تصحيح أخطائهم، ولاد البلد بيقولوا: “دوق ملحك”، بمعنى بص لنفسك أولًا قبل ما تبص لغيرك.

الأديان السماوية كلها تأمرنا بذلك. الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: «من حسن إسلام المرء، تركه ما لا يعنيه». والكتاب المقدس يقول: «يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!» (متى 7: 5).

وفي النهاية، أقول لكم نصيحة لوجه الله: ياريت كل واحد فينا يخلي مناخيره في وشه هو، وبلاش يدفسها في حياة غيره ويكون قاضيًا عليه، لازم نعرف أنه مثلما نكون قضاة على غيرنا، هنلاقي برضه قضاة علينا، فياريت نربي نفسنا الأول بدل ما نربي غيرنا.
مش كدا ولا اييييييييه؟

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى