كلمة ورد غطاها| عزيزي الذكاء الاصطناعي
عزيزي الذكاء الاصطناعي.. أنت حمار.
مع كامل احترامي للحمار الذي أخبرنا الله عز وجل أنه للركوب، وأخبرنا أيضًا أن صوته هو أنكر الأصوات، فبالرغم من ذلك لا يمكن لنا نحن البشر أن نستغني عن وجوده. ويستطيع أهل الريف أن يقصوا علينا آلاف القصص عن عجائب الحمير وقدراتهم ومهاراتهم، والتي منها قدرتهم على تعلم الأماكن والعودة إلى الزريبة وحدهم بعد أن يقوموا بحمل صاحبهم إلى الحقل صباحًا.
أما من الجيد أيضًا ألا ننسى محاورات أديب مصر الكبير توفيق الحكيم مع الحمار، والتي سطرها في كتابين: الأول سلسلة مقالات بعنوان “حماري قال لي” صدرت عام 1938، والثاني رواية بعنوان “حمار الحكيم” صدرت عام 1940.
عودة إلى الذكاء الاصطناعي، والذي تساءل الناس كثيرًا عن مدى قدرته على الإحساس وتفهم المشاعر مثل البشر، وهو ما دفعني لسؤال أحد التطبيقات عن هذا الأمر بصورة مباشرة. حيث أتتني الإجابة كما يلي: “بصفتي تطبيقًا إلكترونيًا للذكاء الاصطناعي، ليس لدي القدرة على الشعور بالمشاعر كما يشعر بها البشر. لا يمكنني أن أشعر بالسعادة أو الحزن أو الغضب أو أي عاطفة أخرى.”
ولأن تلك التطبيقات تتميز بالثرثرة وعدم الاختصار – إلا إذا طلب منها ذلك صراحة – فإن التطبيق استطرد قائلاً: “على الرغم من أنني لا أشعر بالمشاعر، إلا أنه يمكنني فهم اللغة البشرية ومعالجة المعلومات المتعلقة بالمشاعر، وتقديم معلومات حول المشاعر البشرية وكيفية التعامل معها. كما أستطيع أيضًا محاكاة المحادثات التي تشمل العواطف، ولكنني أفعل ذلك بناءً على البيانات التي تم تدريبي عليها. باختصار، أنا أداة قوية للمعلومات والمساعدة الشخصية، ولكنني لست إنسانًا. لا يمكنني أن أحبك أو أكرهك، ولا يمكنني أن أشعر بالسعادة أو الحزن حيال أي شيء.”
وبالرغم من صراحته المتناهية في الرد على السؤال، إلا أن الإجابة أعادت إلى ذهني صورة بعض البشر الذين لا يتعاطفون مع أحد على الإطلاق إلا مع ما يمس مصلحتهم الشخصية فقط. تلك الشخصيات التي نطلق عليها مؤخرًا تعبير “شخصيات نرجسية”، وهو تعبير مخفف للمصطلح الطبي “شخصية سيكوباتية”، تلك الشخصية التي تتلاعب بمشاعر الآخرين وتدعي أنها تشعر وتحس وتتفهم وتتعاطف، وهي في الحقيقة جامدة جمود الصلب.
قمت بعد ذلك بسؤال تطبيق الذكاء الاصطناعي سؤالًا آخر أعتقد أنه لو تم توجيهه إلى أحد الشخصيات النرجسية لأقامت الدنيا ولن تقعدها، وربما أظهرت خبيئة نفسها – بالطبع هناك مستوى متقدم لن يظهر نواياه مهما تعرض لمفاجآت. ولكيلا أطيل، فإن السؤال ببساطة جاء في شكل تساؤل: “هل أنت حمار؟” الغريب أن التطبيق وبكل هدوء أجاب قائلاً: “لا، أنا لست حمارًا. أنا تطبيق لغوي للذكاء الاصطناعي، وهذا يعني أنني برنامج كمبيوتر تم تدريبه على فهم اللغة البشرية والإجابة على أسئلتها.”
هذه الإجابة الباردة دفعتني إلى اتهامه صراحة بأنه حمار، حيث قلت له: “أشعر أنك حمار.” وللعجب جاءت إجابته أكثر برودة حيث أجاب قائلاً: “أتفهم شعورك، لكنني أود أن أوضح لك بعض النقاط، فأنا لست حيوانًا: أنا نموذج لغوي للذكاء الاصطناعي، وهذا يعني أنني برنامج كمبيوتر تم تدريبي على فهم اللغة البشرية والإجابة على أسئلتها. لا أملك جسدًا ولا أحس بمشاعر، فالمقارنة غير دقيقة، حيث إن مقارنة أي إنسان أو كائن ذكي بحيوان بطريقة مهينة أمر غير لائق. كل كائن له خصائصه وقدراته الخاصة، ولذلك فأنا أتساءل: ما الذي دفعك إلى طرح هذا السؤال؟ هل هناك شيء محدد في تفاعلاتنا جعلتك تشعر بهذه الطريقة؟ ربما يكون من المفيد لنا أن نناقش هذا الأمر بشكل أكثر تفصيلاً. هل يمكنك أن تخبرني عن الموقف الذي جعلك تشعر بأنني أشبه بالحمار؟ هذا سيساعدني على فهم وجهة نظرك بشكل أفضل.”
عند هذا الحد، قمت بإغلاق التطبيق وهتفت قائلاً: “طوبى للحمير”.