منذ نشأة السينما والدراما، عُرفت المرأة المصرية بتأثيرها العظيم في صناعة روح الفن، بداية ممن هن خلف الكاميرا من مخرجات ومؤلفات ومصورات، وصولًا إلى نخبة من الممثلات اللاتي جاهدن سنوات طويلة من أجل إيصال رسائل إنسانية مؤثرة إلى العالم، تصل إلى قلوب المشاهدين وتلقي الضوء على قضايا مجتمعية، تناولها يحقق فارقًا جذريًا.
فبعض أولئك السيدات اشتهروا بانحيازهن للمرأة المصرية وقضاياها الشائكة، ناضلوا من أجل حقوقها وحريتها، فقدموا أعمالًا تناشد بصوتها وتلقي الضوء على آلامها المخبأة التي يخشى البعض الحديث عنها، ليقدر العالم مشاعرها وإنجازاتها، وأيضًا من أجل علو شأن المرأة الذي وأدته العادات والتقاليد، فالسينما والدراما هما مرآة الوطن، أما المرأة فهي الوطن.
لذا تصطحبك منصة «كلمتنا» في رحلة قصيرة نحو سيدات صنعن فارقًا في تاريخ السنيما والدراما المصرية، وما زالت أعمالهن تسحر قلوبنا حتى هذه اللحظة.
مخرجات مصريات صنعن السينما
حتى تصل إلى محطة «النجاح» فإن الرحلة ليست هينة على الإطلاق، لتترك أثرًا يخلد في قلوب الناس، فإنك بحاجة إلى أن تلامس الواقع، تقترب من أرواح الناس تصافح خباياهم ونقاط الضعف والألم وتحلق بهم نحو السلام، تواجه المجتمع بقوة حتى ثبت أنك هنا.
شهدت السينما والدراما نخبة من المخرجات اللاتي تركن بصمة مؤثرة في صناعة الفن، احتلت أعمالهن الساحة الفنية على مدار سنوات طويلة، ليثبتن بجدارة أن المرأة قادرة على فعل المعجزات، وأن صوتها الذي يناشد من أجل حقوقها لابد وأن يصل حتى لو كلفها الأمر سنوات من العناء.
لعل أبرز تلك المخرجات «كاملة أبو ذكري»، التي تخرجت في المعهد العالي للسينما، ومن ثم بدأت رحلتها نحو الإخراج السينمائي، لتقدم أعمالًا ما زال يعشقها الجمهور حتى هذه اللحظة، من بينها ملك وكتابة، واحد صفر الذي حصل على أكثر من 45 جائزة دولية و محلية، كما قدمت فيلم يوم للستات وسنة أولى نصب، لتتجه بدورها نحو الدراما، لأنها تيقنت أن السينما المصرية لم تعد برونقها كما كانت قديمًا.
من هنا قدمت أعمالًا درامية عظيمة تعلق بها الجمهور وما زال صداها يتردد رغم مرور أعوام طويلة على انطلاقها، ليتربع مسلسلا بنت اسمها ذات، وسجن النسا بطولة نيللي كريم على عرش أعمالها، وكذلك واحة الغروب، وصولًا إلى مسلسل ب 100 وش الذي أحدث ضجة غير مسبوقة في الشرق الأوسط، وتعلق به ملايين الأشخاص في العالم باختلاف أعمارهم ليصبح نقطة فارقة في التاريخ الفني للمخرجة القديرة كاملة أبو ذكري، فضلًا عن أحدث أعمالها وهو مسلسل بطلوع الروح.
أما إذا عدنا قليلًا إلى الوراء لا يمكن أن نغفل أيقونة الدراما والسنيما المصرية المخرجة «إنعام محمد علي»، التي قدمت أعمالًا فارقة في تاريخ الفن المصري، فمن مسلسلاتها الحب وأشياء أخرى، ضمير أبلة حكمت، أم كلثوم، قاسم أمين، وقصة الأمس.
أما عن أفلامها: “آسفة أرفض الطلاق، صائد الأحلام، الطريق إلى إيلات” والذي خلّد واحدة من أهم اللحظات الفارقة في تاريخ مصر، بالإضافة إلى فيلم حكايات الغريب.
وكيف لنا أن نخوض رحلة نحو صانعات السينما دون الحديث عن المخرجة ساندرا نشأت، فقد حصلت على بكالوريوس المعهد العالي للسينما قسم الإخراج وأيضًا ليسانس الآداب قسم اللغة الفرنسية، لتتجه بذلك نحو السينما وصناعة الأفلام.
حيث قامت بإخراج أفلام تنوعت بين الأكشن والرومانسية، من بينها فيلم ليه خلتني أحبك، ملاكي إسكندرية، الرهينة، وفيلم المصلحة، لكنها لم تقدم أعمالًا درامية أبدًا، فهل تطرق باب الدراما يومًا؟
اقرأ أيضًا: روايات تناقش العنف ضد المرأة.. لماذا يدفعها للانتحار والاكتئاب؟
سيناريستات مصريات أثرن في صناعة الفن
لنبدأ رحلتنا نحو الكتابة والإبداع بالسيناريست «وسام سليمان»، تلك المرأة التي اشتهرت بتحيزها للنساء وقضاياهن، الأمر الذي دعاها إلى كتابة ثلاثة أفلام سينمائية نسوية وهم أحلى الأوقات، والفيلمين شقة مصر الجديدة، وفتاة المصنع اللذان ألقيا الضوء على معاناة المرأة، وجسدا تسلط المجتمع الذكوري المهين، حتى لاقا نجاحًا هائلًا حيث إنه تسللل إلى قلب كل امرأة، وآزر روحها حتى شعرت أن هناك من جسد آلامها ومعاناتها.
أما الكاتبة النسوية الأخرى فهي «مريم نعوم» التي أثرت في صناعة السينما والدراما، عبرت عن المرأة المصرية ومشكلاتها وقضاياها، لتقوم بكتابة فيلمين عظيمين ناشدوا من أجل المرأة وهما: “واحد صفر، ويوم للستات” اللذان يعتبران من الأفلام الأجرأ في السينما العربية.
أما عن الدراما فالأمر لا يقل أهمية كثيرًا عن السينما، فقدمت أعمالًا تعتبر من الأبرز والأهم في الدراما المصرية، حيث بدأت رحلتها بمسلسل ذات، وقدمت أيضًا سجن النسا، سقوط حر، وتحت السيطرة، كما قدمت مسلسلين أثروا في تفكير المجتمع العربي والمصري وهما خلي بالك من زيزي ومسلسل ليه لأ، حيث ناقشا مشكلات مجتمعية هامة أحدثت طفرة في وعي الناس حتى سعى البعض نحو التغييرالإيجابي وذلك بالتحديد هو دور الفن.
ماذا عن الممثلة والكاتبة «سميرة محسن»؟
قامت الممثلة سميرة محسن بتأليف عددًا من الأفلام التي تخص المرأة المصرية وما تتعرض له من ألم وإهانة، أبرزها فيلم “المرأة والقانون”، الذي تناول مشكلة قانونية تتعلق بالقانون الجنائي بشأن عقوبة الأم التي تجد رجلًا يغتصب ابنتها فتقتله.
كما قدمت فيلم “صرخة ندم” الذي ناقش تأثير الخيانة في حياة المرأة والأضرار النفسية التابعة له، لتعود سميرة محسن من جديد في عام 2004، بفيلم “سنة أولى نصب” من إخراج كاملة أبو ذكري.
فعلى مدار سنوات طويلة كانت المرأة هي الداعم الأول والأخير للمرأة ذاتها، تلقي الضوء على القضايا التي تعاني منها، توضح مأساة السيدات في مجتمع ذكوري يقلل من قدرها وكيانها، تناشد بجرأة من أجلها، ومن أجل أن تستعيد حق المرأة وتثبت وجودها بجدارة شديدة، فكان السينما والدراما هما السبيل.
اقرأ أيضًا: 10 أفلام ناصرت المرأة وألقت الضوء على قضاياها الشائكة