العلماء يرسمون أول خريطة للبروتينات المُسببة لسرطان الثدي
ترتبط الإصابة بالأمراض السرطانية بمجموعات متنوعة من التغيرات الجينومية، وعادةً ما يكون للعديد من تلك التغيرات أدوار غير محددة أو معروفة في تكوين الأورام، التي تبدأ معها معاناة مريض السرطان.
ولتفسير كيف يُمكن أن تؤدي هذه التغييرات النادرة إلى عواقب مرضية، من الضروري فهم كيفية تقارُب التغير الجيني الفردي في العديد من العمليات البيولوجية، مثل مسارات تكاثر الخلايا، واستجابة تلف الحمض النووي الناجم عن تراكم مجموعة من البروتينات.
ولفهم ذلك بشكل أفضل، عمل باحثون على تحليل كيفية تفاعل 40 جيناً وبروتيناً تتغير كثيراً في مرضى سرطان الثدي مع البروتينات الأخرى في النوع نفسه من السرطان، وانعكاس ذلك التفاعل على أنسجة الثدي الطبيعية.
تفاعلات غير معروفة قد تسبب السرطان
ووفق ثلاث دراسات نشرتها دورية «العلوم» (Science)، كشف الباحثون عن تفاعلات غير معروفة سابقاً بين البروتينات التي تُسبب السرطان، كما قاموا بدمج البيانات التي أمكن الحصول عليها من ذلك التفاعل لرسم أول خريطة لمسارات تلك البروتينات.
وبحسب تقرير نشره موقع «للعلم»، النسخة العربية لمجلة العلوم الأمريكية «ساينتفك أمريكان»، فقد وجد الباحثون مئات البروتينات التي تتفاعل مع 40 بروتيناً تسبب السرطان، وأن كثيراً منها لم يكن مرتبطاً في السابق بسرطان الثدي.
وتقدم نتائج الدراسة نهجاً جديداً يمكن أن يحسِّن فهم العلماء لتطور السرطان، ويساعد في تحديد الأهداف العلاجية، من خلال تحديد مسارات البروتينات المسببة لسرطان الثدي.
اقرأ أيضاً: بذرة معدنية ذكية لعلاج السرطان في 10 دقائق
السرطان مرض وراثي في الأساس
وبالنسبة للعديد من السرطانات، وهي أمراض وراثية في الأساس، يوجد فهرس شامل للطفرات الجينية، لكن لا وجود لأي خرائط تنظم هذه الطفرات في مسارات تدفع نمو الورم.
يقول «مين كيو كيم»، أستاذ علم الأدوية الجزيئي الخلوي المساعد بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والمؤلف المشارك في الدراسة، إن «الدراسة نجحت في تفسير المعلومات الجينية للسرطانات بشكل أفضل، باستخدام خرائط ترصد تفاعلات البروتينات معاً».
يضيف «كيم» أن الفحص شمل جميع أنواع البروتينات في حالات سرطانات الثدي، سواء كان معروفاً عن تلك البروتينات أنها تُشارك أو تُسبب الإصابة بالأورام أم لا، والهدف الرئيسي للدراسة هو تحديد المسارات الوظيفية و/أو المجمعات البروتينية المتأثرة بشكل شائع بين المرضى لتوجيه الطب الدقيق من أجل إيجاد علاجات شخصية للمرضى.
الأسباب الحقيقية وراء نمو السرطان
وتُظهر الدراسة نتائج واضحة عن الفوائد المرجوة من دمج الآليات الحاسمة لنمو الأورام معاً في صورة خرائط تساعد على تحديد الأسباب الحقيقية وراء نمو السرطان عند كل شخص، وهو الأمر الذي من شأنه توفير أدوية تُعالج تلك الأسباب بمفردها، دون استهداف عوامل أخرى قد تكون غير مؤثرة في نمو السرطان عند المريض.
ويقول «كيم» إن بعض السرطانات ناتجٌ عن طفرات في السلالة الجرثومية، (مثل طفرات BRCA1)، ولكن بعض السرطانات ناتجٌ عن طفرات جسدية، أي طفرات مكتسبة خلال الحياة، وبسبب عدم التجانس الشديد في التغيرات الجينومية بين مرضى السرطان، فإن أبحاث السرطان على مستوى الجينات الفردية غالباً ما تكون غير مفيدة، لكن رسم خرائط لهذه الجينات الفردية والبروتينات على شبكات تفاعل البروتين، يساعدنا في تحديد العمليات البيولوجية أو المجمعات البروتينية التي تتأثر بهذه التعديلات، وتعمل بشكل غير طبيعي في الخلايا السرطانية.
قتل الخلايا السرطانية بشكل انتقائي
ويتابع المؤلف المشارك في الدراسة أنه بمجرد تحديد هذه الوحدات الوظيفية الرئيسية، يمكننا استهداف هذه الوحدات بأدوية محددة لقتل الخلايا السرطانية بشكل انتقائي، وهو الأمر الذي يعني تقليل السمية والعلاج غير الضروري.
وفي الوقت الحالي، يتم علاج العديد من مرضى السرطان من خلال عدد قليل من الخيارات الشائعة دون تخصيص، لذا بدأ الباحثون هذا المشروع كدليل على إمكانية وجود خيارات مخصصة لكل مريض على حدة، حيث يختتم «كيم» بقوله: «بعد بضع سنوات من الجهود، أثبت عملنا أن فهم كيفية تفاعُل البروتينات معاً يساعد في تحديد أدوية جديدة للسرطان».
اقرأ أيضاً: إليكِ 6 خطوات تساعدكِ على مواجهة السرطان بشكل إيجابي