كلمتها

“صبيحة كوجكن”.. أول امرأة تقاتل محلقة في سماء تركيا والعالم

إذا حالفك الحظ وسافرت إلى تركيا يومًا فمن المحتمل أن تهبط في مطار صبيحة كوجكن الشهير، ذلك الاسم الأنثوي الذي هز سماء تركيا وكان الانطلاقة الأولى نحو قوة المرأة وتأثيرها على وطن بأكمله، تلك المرأة ابنة كمال أتاتورك استطاعت أن يخلد اسمها في التاريخ ويبنى مطار باسمها يهبط إليه ملايين البشر كل عام، دعوني أخبركم كيف حلقت صبيحة كوجكن في سماء تركيا تقاتل من أجل الحرية.

صبيحة كوجكن:

ماذا لو أن أحلام الطفولة أصبحت حقيقة يومًا؟

كانت صبيحة كوجكن واحدة من أولئك الصغار الذي حالفهم الحظ وتحققت أحلام طفولتهم، حتى وإن عانت من شيء آخر أشد وجعًا، ففي الحقيقة ربما يعرف عدد كبير من الناس أن صبيحة كوجكن هي ابنة “مصطفى كمال أتاتورك” أول رئيس لتركيا وقائد الجيش التركي خلال ما يعرف بحرب الاستقلال، لكن ما لا يعرفه إلا القليل أنها ابنته بالتبني، ولكن لماذا تبناها أتاتورك؟

صبيحة كوجكن كانت ذات أصول أرمينية، لكن شاء القدر أن تقلب حياتها رأسًا على عقب عام 1925 لتصبح حديث العالم أجمع بعد سنوات طويلة، ففي هذا العام بالتحديد كانت صبيحة كوجكن تبلغ من العمر 12 عامًا، لكنها كانت واحدة من ملايين الأطفال الذين يحبون أتاتورك، لذلك طلبت الصغيرة أن تتحدث إليه وتخبره رغبتها في الالتحاق بإحدى المدارس داخلية.

حينها وقبل أن يوافق أتاتورك على مطلبها، عرف حكايتها وظروف حياتها المحزنة، لذلك قرر القائد العظيم أتاتورك أن يتبنى هذه الصغيرة رُغم وجود عائلتها، وبالفعل اصطحبها إلى المقر الرئاسي في العاصمة أنقرة، لكنها لم تكن الطفلة الوحيدة التي تبناها أتاتورك، لكنها كانت واحدة من 8 أطفال آخرين، ثم منحها لقب “كوجكن” لأن اسمها الحقيقي كان هيريبسيم سيبيلسيان.

اقرأ أيضًا: “ماكنزي بيزوس”.. نفقة طلاقها جعلتها من أغنى 5 سيدات في العالم

من حلم إلى حقيقة:

شهد عام 1935 تأسيس جمعية الطيران التركية، وقرر أتاتورك أن تشهد صبيحة حفل الافتتاح برفقته، التي بدورها انبهرت بالعرض كثيرًا ومن هنا قررت أن يكون هذا هو حلمها الذي ستسعى من أجله، الأمر الذي جعل أتاتورك يقوم بتسجيلها في مدرسة الطيران، لتصبح أول فتاة في تركيا والعالم تبدأ دراسة وتدريبات طيران لأنها أحبت أن تصبح مظلية، ومن ثم تم إرسالها إلى روسيا برفقة متدربين آخرين من الرجال، من أجل دورة تدريبية في الطائرات الشراعية والطيران.

بعد مرور عام واحد جعلها أتاتورك تنضم إلى أكاديمية سلاح الجو، لتصبح بذلك أول امرأة تشغل منصب طيار حربي في تركيا، ولأنها آمنت بحلمها وذاتها، وتطور أداؤها بصورة هائلة في قيادة طائرات القتال والطائرات قاذفة القنابل، وبالممارسة ومشاركتها في تدريبات كثيرة، أصبحت مؤهلة للمشاركة في عملية حربية ضد تمرد درسيم لتقاتل لأول مرة وتلحق في سماء تركية، وبسبب أدائها ومجهودها العظيم منحت أول ميدالية مرصعة بالجواهر من قبل جمعية الطيران التركية.

بعد مرور ثلاثة أعوام نفذت صبيحة كوجكن عملية طيران خطيرة استمرت لمدة خمسة أيام حول دول البلقان ومن ثم عُينت مدربة أولى في المدرسة التي كانت سبيلها نحو حلمها العظيم وهي المدرسة التركية للطيران في جمعية الطيران التركية التي أسسها والدها أتاتورك، وتولت هذا المنصب وصولًا إلى عام 1955.

لتصبح بعد ذلك عضوة في المجلس التنفيذي لهذه الجمعية، لتقوم بدورها بتدريب أربعة فتيات على الطيران، لتستمر إنجازات صبيحة كوجكن في التحليق في مساء العالم أجمع حتى عام 1964، لتكون بذلك استخدمت 22 نوعًا مختلفًا من الطائرات بل والأعظم أنه تم ذلك لأكثر من 8000 ساعة، 32 ساعة بين قيادة الطائرة وأخرى بين القصف في العمليات.

اقرأ أيضًا: هل عاشت “أجاثا كريستي” حكايات أشبه برواياتها الغامضة البوليسية؟

تخليدًا لذكرى “صبيحة كوجكن”:

افتخرت تركيا بهذه المرأة المقاتلة العظيمة على مدار سنوات طويلة، خلدها التاريخ التركي والعالم أجمع، لذلك أطلقت تركية اسمها على المطار الدولي الثاني في اسطنبول، ووقع الاختيار عليها لتكون الطيار الوحيد من النساء في ملصق “أفضل 20 طيارًا في التاريخ” الصادر من خلال القوات الجوية الأمريكية، بالإضافة إلى أنه تم اختيار صورتها شعارًا في موقع جوجل في تركيا من أجل الاحتفال بعيد مولدها الذي يوافق الثاني والعشرين من مارس 1913.

ماذا عنكِ أنتِ عزيزتي، ما هي أحلامك التي تودين تحقيقها؟

اقرأ أيضًا: أول محامية مصرية.. كيف نجحت “مفيدة عبدالرحمن” في كسر المألوف؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى