حوارات

عن الشباب والصعيد في الجمهورية الجديدة.. أول حوار لعضو “حقوق الإنسان” أيمن زهري

في أول حوار مع عضو القومي لحقوق الإنسان، “د. أيمن زُهْري” خبير السكان ودراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.

بصفتك خبيرا في دراسات الهجرة، ما الذي تقترحه للعمل به في ملف حقوق الإنسان؟

في البداية أود أن ألفت انتباهكم إلى أن الهجرة في حد ذاتها حق أصيل من حقوق الإنسان أقرته المواثيق الدولية وأقره كذلك الدستور المصري من خلال حق المواطنين في التنقل داخل حدود الدولة وكذلك حقهم في الهجرة للخارج. حماية حقوق المهاجرين المصريين بالخارج وكذلك حماية حقوق غير المواطنين في مصر سواء كانوا لاجئين أو مهاجرين هي من أهم أولوياتي.

كيف تقيم جهود الدولة لتوفير بدائل آمنة للهجرة غير الشرعية، من حيث الكفاية والنتائج، كما ترونها؟

تبذل الدولة جهوداً كبيرة لوقف ظاهرة الهجرة غير النظامية من خلال العمل على العدد من المحاور: المحور الأمني والتشريعي والإعلامي والتنموي والتعاون الدولي، المحور المباشر الذي يرتبط بتلك الظاهرة هو توفير البدائل لهؤلاء الشباب من خلال التنمية. من خلال هذا المحور يمكن أن يجد الشباب فرصة عمل لائقة تغنيه عن المخاطرة بحياته من أجل أحلام الغربة وخيالاتها.

على الرغم من ذلك لا أتصور أن الجهود التنموية الحالية كافية لامتصاص طاقة الشباب وتخفيض معدلات البطالة بينهم بشكل كبير، ذلك لسببين رئيسيين، السبب الأول أن الدولة بكاملها في مرحلة تأسيس ومرحلة استعادة حيوية البنية لأساسية والمرافق من خلال العديد من المشروعات الكبرى. هذه المرحلة وفّرت العديد من فرص العمل، ولكنها ورغم ضخامتها غير كافية في الوقت الحالي لاستيعاب طاقات الشباب.

السبب الثاني يرتبط ارتباطا وثيقا بالسبب الأول وهو حقيقة أن مصر تعاني من تضخم فئة الشباب أو ما يعرف بظاهرة البروز الشبابي إذ يمثل الشباب من سن 15 سنة إلى أقل من 30 سنة حوالي 30 بالمائة من السكان وهو حجم كبير يؤدي إلى ابتلاع جهود التنمية. يدخل في سوق العمل كل عام حوالي مليون شاب لا يمكن لسوق العمل أن يستوعبهم بأي حال من الأحوال في تلك المرحلة التأسيسية من تاريخ الوطن. المطلوب جهد أكبر وصبر أكبر حتى نتخطى مرحلة الزيادة السكانية.

بحكم تربيتك الصعيدية، كيف تنظر للبدء في تنمية الصعيد بعد غياب عقود؟

كان الصعيد طوال الفترة الماضية منطقة طرد للسكان بحثا عن حياة أفضل، عادة في الشمال. كان ذلك بسبب الإهمال الذي عانى منه الصعيد والتهميش الذي طاله لفترة طويلة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، حتى أنه إلى فترة قريبة كان جزاء الموظف المهمل نقله للصعيد وكأن النقل إلى الصعيد عقوبة.

في الفترة الناصرية اهتمت الدولة بالصعيد من خلال الاهتمام بتنمية القرية المصرية بشكل عام ومن خلال انشاء الوحدات المجمعة في القرى والتي كانت تشمل إنشاء المستشفيات القروية والمدارس وكذلك الاهتمام بالصعيد في فترة إنشاء السد العالي وتوطين بعض الصناعات هناك كمصانع الألومنيوم والحديد والصلب والكيماويات والأسمدة، ثم تلاشى كل ذلك في فترات تالية إلى أن أحيت الدولة مؤخرا الاهتمام بالصعيد وشهدنا عودة المشروعات الصناعية والزراعية مرة أخرى في السنوات القليلة الماضية.

لو كان لديك اقتراحات في أول اجتماع ينعقد للهيئة الجديدة لحقوق الإنسان، ما أبرز اقتراحاتك؟

أهم شيء بالنسبة لي هو نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع المصري من خلال إدماج مكون حقوق الإنسان في كافة المجالات مثل إدماج حقوق الإنسان في الناهج التعليمية وفي برامج المصالح الحكومية وكذلك في مؤسسات المجتمع المدني. أتمنى أن تكون هناك فروعا للمجلس القومي لحقوق الإنسان في كافة محافظات مصر وتفعيل آلية تلقي الشكاوى في المجلس والعمل على حلها حتى يشعر المواطن بارتباطه بهذا الكيان.

تحتل أجندة تمكين المرأة حيزا بارزا على مدار سنوات، كيف يمكن الحفاظ على هكذا مكتسبات؟

أرى أن أهم ما يدفع المجتمع المصري للأمام هو تمكين المرأة وتعليمها وإتاحة فرص العمل لها. لأن الاستهداف الممنهج للمرأة من قوى الظلام والرجعية والسلفية الدينية والمجتمعية والاقتصادية قد نجح، للأسف، في تهميش دور المرأة وحصر نشاطها في الإنجاب وتربية الأبناء.

هذا التوجه أفقدنا نصف المجتمع وزاد من رجعية وسلفية النصف الآخر وأخّر حل مشكلات كثيرة، تجاوزها غيرنا، كموضوع تنظيم الأسرة والمشكلة السكانية وزواج الأطفال وغيرها من المشكلات التي تجاوزها الزمن في مجتمعات أخرى مجاورة. تمكين المرأة هو الحل السحري لجميع مشكلاتنا.

كيف يمكن توعية النشء بمشاكل الهجرة بشكل أكبر سواء في المناهج أو الإعلام؟

الهجرة غير النظامية ملف شائك وملغوم مثله مثل ملف القضية السكانية. الاستهداف المباشر في هذا الشأن من خلال التدابير الأمنية والتشريعية مهم وقد يقضي على الظاهرة مؤقتا، لكن لابد من استهداف الوعي. لابد من العمل على توعية الشباب وإتاحة الفرص أمام الشباب للمشاركة لسياسية والمجتمعية الفاعلة والرشيدة.

أضف إلى ذلك أنه يجب علينا احتضان الشباب ومصارحتهم. التحديات كبيرة والتدفقات الشبابية الداخلة إلى سوق العمل أكبر. لابد أن نتحلى بالصبر وأن يعمل الشباب على دعم قدراتهم ومعرفتهم حتى يستطيعوا الانتقال من مرحلة الدراسة إلى مرحلة العمل بسهولة.

مع انطلاق الجمهورية الجديدة، كيف تقيم السنوات الماضية من حيث معدلات الهجرة والعائد منها؟

الهجرة في مجملها خير، فمن خلالها تنتقل الثقافات والأفكار وتنفتح الأمم على بعضها البعض. الهجرة في الحالة المصرية مهمة من الناحية الاقتصادية، فمصر من أكبر عشرة دول من الدول المستقبلة لتحويلات المهاجرين إذ يصل حجم التحويلات إلى 30 مليار دولار كل عام، إلا أن الاختراق الثقافي الذي حدث من خلال الهجرة يصعب علاجه، لذلك لابد من العمل على أن يعود المصريون لثقافتهم البسيطة السمحة دون مغالاة ودون التأثر بنماذج مجتمعية لا تتناسب مع ثقافتنا وهويتنا الضاربة بجذورها في أرض الوطن الطيب المبارك.

Related Articles

Back to top button