ريم السباعي
هل تعتقد أن الخوف والجبن وجهين لعملة واحدة؟ إذا علمنا أن الخوف شرطا أساسيا لدى الشخص الجبان، فهل الجبن صفة أساسية لدى كل خائف؟ إن كل جبان يخاف، فهل كل خائف جبان؟ أتحب ما تخاف؟ أم تخافه لأنك تحبه؟ أتكره ما تخاف؟ أم تخافه لأنك تكرهه؟ اتخاف من الخوف؟ أم أن الخوف لا يخيفك؟
تحدثت في المقال السابق عن الخوف، وذكرت أنه غريزة لدى الإنسان، والحيوان، فمن لا يخاف فهو شخص متبلد بلا مشاعر، فاقدا للإدراك، واليوم استكمالا لما سبق فالخوف ليس بالأمر اليسير فهو قادر على إنهاء حياة إنسان.
أجل! إن الخوف سلاح فتاك قادر على الفتك بصاحبه، فعن دراسات علمية تم تجربتها بالفعل على عدد من المجرمين الذين حكم عليهم بالإعدام فقد استخدم معهم الباحثون طريقة القتل بالإيحاء، وقد أثبتت التجارب نجاح تلك الطريقة المعتمدة على الخوف.
فمثلا عندما تم الإيحاء لأحد هؤلاء المجرمين بأنه سوف يتم قتله عن طريق تصفية دمه، فيتم تغطية عيناه، وبعد إيهامه بأنه تم قطع شرايينه، ومع سماعه لصوت قطرات الماء تتساقط، فيصور الخوف لعقله إن ما يحدث حقيقي بالفعل، فيموت وكأن تم تصفية دمه، أو عندما أُخبر أحدهم بأنه محبوس داخل غرفة يتسرب إليها غاز سام، فيموت مختنقا.
إذن فإن الخوف يقتل صاحبه، ولكن متى يصبح الخائف جبانا؟ في رأيي إن الخوف من أشياء لا تخيف من المحتمل أن يكون مرضا، وفي هذه الحالة لابد لها من علاج، فلا يجب أن تتعامل مع شخص يخاف من شيء لا يخيفك على أنه جبان، بل من المحتمل أن يكون مريض، أو تعرض لموقف ما جعله يخاف ذلك الشيء.
أما الجبان فهو من يخاف مواجهة المشاكل فيهرب في بداية الطريق، كالهارب من المعركة خشية مواجهة الأعداء، الجبان هو من يخاف قول الحق خشية من رزق يضيع، أو منصب يفقده، أو شخص ذو نفوذ يخسره … وغيرها من الأمثلة التي تصور خوف الجبناء.
أما الخوف الغريزي فهو خوف لابد من وجوده لدى البشر، فهو رادع لهم كالخوف من إنتشار الوباء، فعندما تخاف على أبنائك، والديك، أصدقائك، وكل من تحب من المرض، فلابد أن تلتزم بإجراءات الوقاية … وهكذا، ولكن هل الإنسان يخاف من أشياء يحبها أم يكرهها؟! إن الإنسان يخاف أحيانا مما يكره، كخوفه من المرض، أو الفقر، أو فقدان من يحب، أو أشياء ملموسة يكرهها كخوف الطفل من الحيوانات مثلا.
وأيضا هناك الخوف مما نحب، ولكن ذلك الخوف يكون بشكل مختلف، فعندما يخاف الأبناء من الآباء فذلك الخوف يكون نابعا من الحب، فهو الخوف من غضبهم، أو الخوف من فعل شيء ما يحزن صديقك، ولا ننسى الخوف الأكبر النابع من الحب الأكبر ألا وهو الخوف من الله، فإنك تنفذ أوامر الله خوفا من غضبه لأنك تحبه، فكلما زاد حبك لله زاد خوفك منه، فمن لا يخاف الله ، ولا يتبع أوامره فهو لا يحبه.
وفي النهاية هل تخاف من الخوف؟! أي تخاف أن يزداد خوفك فيتحول إلى مرض؟ أو أن تخاف من أن يتحول خوفك إلى قاتلك؟ أم أنك تخاف من أنك لا تخاف الله فيكون بذلك هلاكك المحتم؟!
اقرأ أيضًا: دار في خاطري| لماذا نخاف؟
نبذة عن الكاتبة:
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: