رؤى التحول الاقتصادي والطاقة| زيارة الرئيس الألماني لمصر: شراكة استراتيجية تفتح آفاقًا جديدة
تأتي زيارة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لمصر كحدث بارز يعكس الأهمية الاستراتيجية لمصر في الشرق الأوسط وإفريقيا .. خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة. هذه الزيارة التي تأتي بعد أكثر من 24 عامًا من آخر زيارة لرئيس ألماني تؤكد بوضوح أن مصر لم تعد مجرد دولة إقليمية بل باتت قوة مؤثرة تلعب أدوارًا حاسمة على الساحة الدولية.
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا في ديسمبر 1957، شهدت هذه العلاقات نموًا مطردًا. لكن التطور الحقيقي جاء في السنوات الأخيرة مع جهود الرئيس عبدالفتاح السيسي لتعزيز التعاون بين البلدين .. العلاقات الاقتصادية أصبحت في طليعة هذا التعاون، حيث ساهمت الشركات الألمانية في مشروعات تنموية عملاقة، أبرزها إنشاء 3 محطات كهربائية كبرى بواسطة “سيمنز”، التي أسهمت بشكل مباشر في التغلب على أزمة الكهرباء في مصر.
زيارة شتاينماير لمصر تأتي في لحظة محورية، ليس فقط لتعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وبرلين، ولكن أيضًا لتوجيه رسالة للعالم بأن مصر لاعب أساسي في حل النزاعات الإقليمية .. وفي هذا السياق تلعب مصر دورًا رياديًا في القضية الفلسطينية، حيث تعمل بجهد لوقف الحرب على غزة، وتدفع نحو اتفاق دولي يحقق السلام، ويضمن تبادل الأسرى ويحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني.
اقتصاديًا، العلاقات المصرية الألمانية تعد ركنًا أساسيًا في الاقتصاد المصري .. ألمانيا هي الشريك التجاري الأبرز لمصر ضمن الاتحاد الأوروبي، وحجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 2.5 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024، وهو رقم يعكس عمق التعاون بين البلدين. لكن ما يميز العلاقة بين القاهرة وبرلين ليس الأرقام فقط .. بل الرؤية المشتركة نحو المستقبل .. الطاقة المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر، باتت محورًا رئيسيًا في التعاون بين البلدين، مما يعزز من قدرة مصر على أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة.
ولا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه الشركات الألمانية في الاقتصاد المصري .. اليوم تعمل أكثر من 1180 شركة ألمانية في مصر مما يوفر فرص عمل ويدعم التنمية الاقتصادية في البلاد. هذا التواجد المكثف يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين .. ويعزز من الشراكة الاستراتيجية التي تمتد إلى مجالات أخرى مثل التعليم، التكنولوجيا، والتنمية المستدامة.
زيارة الرئيس الألماني لمصر ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل هي إشارة قوية إلى أن العلاقات بين البلدين تتجاوز الحاضر لتبني جسورًا نحو المستقبل.