«المسحراتي».. مهنة أم فن ارتجال المدائح؟
يشتهر شهر رمضان الكريم بمظاهر عديدة يأتي في مقدمتها المسحراتي الذي يحرص على إيقاظ الناس قبل السحور، وهي عادة مصرية رمضانية قديمة، عرفت عند الشعب المصري قديمًا، بالرغم من أن اندثار هذه المهنة الآن إلى أن هناك الباقية الذين يحاولون الحفاظ عليها.
أصل الحكاية
عندما كان نظام مشايخ المهن قائمًا في مصر حتى أواخر القرن الـ 19، كان شيخ المسحراتيّة يعيّن لكل من أفراد طائفته قسمًا من المدينة يمارس المهنة فيه، ويعين مسحراتية جدد فى الأماكن التى خلت بموت المسحراتية فيها، والمعينون الجدد يكونون فى العادة من أبناء الطائفة؛ لإن نظام الطوائف القديم لم يكن يسمح بأن يدخل على المهنة غريب عنها، لهذا لم يكن كل إنسان يستطيع أن يكون مسحراتيًا.
والمسحراتي قديما كان يسير في الليل وخلفه مساعدًا يحمل قنديلًا، وهو يسرد الأقاصيص الدينية والعظات النبوية، وكانت النساء يلقين النقود من نوافذ المشربية ملفوفة فى الورق بعد أن تشعل الواحدة طرف الورقة؛ حتى يراها المسحراتي في الظلام، وعند ذلك يتلو عليهن المسحراتي إحدى القصص الطريفة.
اقرأ أيضًا: لماذا تختلف فترة الصيام عالمياً.. وأي دولة تصوم ساعات أكثر؟
بماذا اشتهر المسحراتي؟
يمتاز المسحراتي بذاكرة حادة تستطيع أن تحفظ أسماء رجال الحي وسيداته جميعم، ويمتاز أيضًا بقدرته على التغيير والتبديل في المدائح التي يحفظها بحيث يدخل فيها الأسماء المختلفة التي يريد أن يوقظ أصحابها أو يطالبهم بنصيبه من لذائذ رمضان والعيد، على سبيل المثال “شعبان أفندي شمس بالمندرة، الحتة منه كلها منورة، والست حسنة شرفت حيها، حلفت فى الجود ماتلقيش زيها، والست كوكب بنتها زيها، وكل حاجة بتِشبه أصلها”.
وكان المسحراتي يتمتع بجانب العطايا في رمضان والعيد بصداقة أهل الحي، وكان يطيل الوقوف أمام أبواب وجهاء الحي، ويسترسل فى مدحهم أملًا في صداقتهم لنيل الكثير من العطايا.
أما في العيد، فكان للمسحراتية أناشيد خاصة تتناسب وفرحة العيد، على سبيل المثال “الكحك ده بيني وبينه، من زمان حب وغرام، والبسكويت ده من سنة، طيفه يزورنى في المنام، والعين جمل هو الأمل، واللوز بقشره أو مقشر، الله يزيد المحسنين، من نعمته أكتر وأكتر”.
وكان أول مسحراتى فى العهد الإسلامى هو الصحابى الجليل بلال بن رباح، وبحسب ما تذكره مجلة اليمامة السعودية فى عددها 2023 الصادر فى عام 2008، فإن بلال كان يجوب الطرقات ليلا لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب، كما طلب منه النبى صلى الله عليه وسلم، وكان أول مؤذّن فى الإسلام ومعه ابن أم مكتوم، يقومان بمهمة إيقاظ الناس للسحور.
اقرأ أيضًا: بوجي وطمطم.. «نوستالجيا» رمضانية أثرت في وعي الشباب العربي