«العيد زمان».. بهجة يفتقدها جيل التكنولوجيا
عُرف الشعب المصري بعاداته المختلفة والمبهجة في استقبال عيد الفطر المبارك منذ أقدم العصور، ولطالما فكان العيد يمثل سعادة حقيقية واقعية بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقتصر التهنئة فيها على رسائل بحروف إلكترونية وبكلمات قصيرة دون مشاعر حقيقة.
وعلى مدار سنوات طويلة، حرصت الأسرة المصرية على الاحتفال بطقوس العيد بتفاصيلها، حتى توارثتها الأجيال من بعدها، وخلال السطور التالية تستعرض منصة «كلمتنا» كيف كان يقضي المصريون العيد قديماً.
التحضير لاستقبال العيد
تبدأ عملية التحضير لعيد الفطر قبل أيام قليلة من انتهاء شهر رمضان، والإعلان عن موعد عيد الفطر المبارك، فاعتادت العائلة المصرية على تجميع أفرادها وجيران المبنى الواحد أو المباني المحيطة، وإعداد كحك العيد والبسكويت، وكان من النادر أن تشتري الأسر كحك جاهز، كما يحدث الآن.
وتقوم السيدات بتجهيز عجينة الكحك، وتنقش عليها أشكالاً مختلفة، ثم يحملها الأطفال إلى الأفران المجاورة لتخبز، وتزين فور نضوجها، كما تصنع حلويات أخرى أيضاً كالبسكويت والبيتي فور، تقدم برفقة الكحك خلال أيام عيد الفطر.
صباح عيد الفطر
يبدأ صباح العيد بالصلاة وأصوات التكبير التي تعلن قدومه، حتى تمتلئ المساجد بالمصلين الذي يلتقي بعضهم بالآخر، بعد فترات طويلة من الغياب بسبب مشاغل الحياة وما إن تنتهي الصلاة، حتى يركض الأطفال إلى الشوارع لتبدأ جولة اللعب، فيشتري الأولاد الأسلحة البلاستيكية والخرز اللازم للمواجهة، والصواريخ الصغيرة التي تدوي أصواتها طوال أيام العيد.
أما البنات فتحتل الدمى وغزل البنات مكانة خاصة في قلوبهن، كما تبهج البالونات الملونة والهدايا الصغيرة أرواحهن، فيتجمعن للعب حتى يحين موعد توزيع «العيدية»، فتتجمع العائلة بمختلف أعمارهم، وتبدأ لحظات توزيع الهدايا والعيدية على الصغار والمرح يعم الأرجاء.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك ربط طفلك بطقوس وبهجة العيد؟
النزهة العائلية
صباح عيد الفطر المبارك، كانت تتجمع أفراد الأسرة استعدادًا للتنزه في إحدى الحدائق العامة، فتجهز العائلة أطعمة مختلفة كالأسماك المملحة، ويصاحب تلك اللحظات استحضار ذكريات قديمة للعائلة، وربما بعض الدعابة والمزاج وأصوات ضحكات متداخلة.
أما عن الأطفال، فتحملهم الألعاب الشعبية والأرجوحة عاليًا فتملأ قلوبهم بالسرور وترتسم الضحكات على وجهوهم، فيواصلوا الركض واللهو لساعات طويلة حتى يغفو فجأة في زاوية ما، بينما يجتمع باقي أفراد الأسرة أمام التلفاز ليلًا لاستكمال سهرة العيد بين المسرحيات والأفلام التي تشكل عادة مصرية أصيلة.
إلى أين نذهب في العيد؟
قديما لم تكن المولات والمطاعم شاغل أفراد الأسرة، فالطبيعة والهواء النقي كان بطل العيد آنذاك، فهناك عدد كبير من الأماكن التي اعتبرت مقدسة لخروجات الأعياد زمان، ومنها:
1. حديقة الفسطاط
تُعد من أهم الأماكن التي يقصدها المصريون في العيد، فهي تقع في حي مصر القديمة في القاهرة، وتمتد على مساحة شاسعة خضراء، كما تحتوي على ألعاب مخصصة للأطفال للاستمتاع بالعيد، بالإضافة إلى عروض تقدمها الحديقة خلال أيام العيد الثلاثة، بينما تجلس الأسرة لتناول الوجبات التي اعدت لعيد الفطر، وسعر التذكرة لا يتعدى 5 جنيهات.
2. أهرامات الجيزة
هي أشهر المعالم السياحية على مستوى العالم، فتعتبر مقصداً مميزاً أيام عيد الفطر المبارك، ومكاناً رائعاً لالتقاط صور تخلد مع العائلة، فيقبل عليها العديد من الزائرين للاستمتاع بركوب الخيل والجمال ورؤية عظمة ذلك التراث الأصيل.
3. القناطر الخيرية
تقع على كورنيش محافظة القليوبية، وهي تعبر عن جمال الطبيعة المصرية، كما يمكنك الاستمتاع بركوب الدرجات والخيل والتجول بجانب النيل، بالإضافة إلى عدد من الحدائق العامة والمتنزهات التي تحويها، والمتاحف التي تجعلها مقصد ثقافي وترفيهي للأطفال والكبار.
كما يُعتبر كورنيش النيل ضمن قائمة أكثر الأماكن إقبالًا في العيد، فالمراكب النيلية تجوب النيل مع نغمات العيد التراثية، وتهلل الأطفال والأسر يضفي بهجة مختلفة للحظات العيد.
فالأفضل أن تستمتع بنزهة نيلية وقت الغروب ومشاهدة المناظر الساحرة، أو ليلًا عندما تشعل الأنوار الملونة في المراكب فتزين النيل بشكل جذاب.
4. حديقة الأسماك أو حديقة الجبلاية
تقع في ضاحية الزمالك بالجيزة، تحتوي من 49 حوضاً للأسماك النادرة والمتنوعة، كما تضم العديد من الأسماك النيلية والبحرية، وأنواعًا مختلفة من السلاحف والزواحف البحرية، فهي تجذب الزوار من مختلف الأنحاء باختلاف الأعمار، للتعرف على الطبيعة الساحرة، فتعتبر مقصد مميز لمن يبحث عن الطبيعة، وتجمع العائلة والأقارب في أيام العيد المباركة.
5. حديقة الحيوان في الجيزة
تُعد من أكثر الأماكن ارتباطًا بالعيد، نظراً لحب الأطفال لها وتعلقهم بها، فالاستمتاع برؤية الحيوانات المختلفة وإطعامها والتعرف عليها، هو ما ينتظره الصغار في المناسبات، فهي تعد أكبر حديقة حيوان في مصر والشرق الأوسط، كما أن التقاط الصور للأطفال برفقة الحيوانات يجعله أمر مميز ومزيج من الفرحة والحماس.
6. حديقة الأورمان
تقع أمام حديقة الحيوان، وهي واحدة من أكبر الحدائق النباتية في العالم، تضم حوالي 1200 نوع من النباتات، ومجموعة نادرة من الأشجار والنخيل، فألوانها وأشكالها المتعددة، تجذب الأطفال إليها لتلعب وتلهو حولها، بينما تستمع العائلة بذلك المنظر الخلاب، وسعر تذكرة الدخول 10 جنيهات.
7. السيرك القومي
يوجد بمنطقة العجوزة، ويُعد من أكثر الأماكن التي يفضلها الأطفال وينتظرون زيارتها، للاستمتاع بالعروض التي تجذب اهتمامهم، وحركات مدربي الأسود والحيوانات المفترسة، فيقدم السيرك أكثر من 14 فقرة، ويختتم بفقرة استعراض النمور والأسود، فيزيد ذلك من فرحة الأطفال وحماسهم.
8. القاهرة الفاطمية
تُعتبر منطقة الحسين وشارع المعز، من الأحياء الشعبية التراثية والجاذبة للعائلة بمختلف أعمارهم، فيمكن زيارة الآثار الإسلامية والتعرف على حكايتها، كما تقدم عروض ثقافية ترفيهية تجمع الأطفال، وفقرات للعيد المبارك، كعروض بيت السحيمي وغيره.
هناك جيل استمتع بطقوس العيد ولحظاته الفريدة، وآخر غلبته التكنولوجيا وجعلته أسيراً لها، فقلت التجمعات العائلية، وازدادت أمام الشاشات الإلكترونية، فالعيد يأتي ضيفاً ممتعاً لأيام قليلة، فلتجعلها أنت مميزة من جديد.
اقرأ أيضًا: «كعك العيد».. حكاية فرعونية توارثتها الأجيال