شارع الميدياكلام رجالة

محطات في حياة الفريق الشهيد “عبد المنعم رياض”


كتب: م.محمد عرجاوي
“أن تبين أوجه النقص لديك، تلك هي الأمانة، وأن تجاهد أقصى ما يكون الجهد بما هومتوفر لديك، تلك هى المهارة.”
هل ستصدقني إن قلت لك إن العبارة السابقة ليست لأحد مدربي التنمية البشرية ، وإنما هي قول مأثور قاله وَعمل به طوال حياته بالفعل قائد عسكري تاريخي من ابطالنا العظام، وهوالفريق الشهيد عبد المنعم رياض.
وعند استعراضنا لتاريخ هذا البطل سنكتشف كم كان مؤمناً بهذه المقولة، وكان طوال حياته دائم البحث عن التطور والتعلم مهما علا مقامه ومهما كانت رتبته.


بداية حياته:
وُلد بقرية سبرباي بطنطا سنة 1919م. تعلم في كًتاب القرية واستمر في التعليم حتى التحق بكلية الطب، لكن لأن حلمه كان مختلف ترك كليه الطب بعد سنتين رغم انها كلية قمة والتحق بالكلية الحربية وتخرج سنة 1938. وحصل على ماجستير في العلوم العسكرية وبعدها أتم دراسته عن المدفعية المضادة للطائرات سنة 1946.

ولأن عبد المنعم رياض كان مؤمناً بالتطور المستمر، لم يكتف بهذا القدر من التعليم، بل أجاد عدة لغات منها الانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية. انتسب أيضا لكلية العلوم لدراسة الرياضيات البحتة، وانتسب – وهوبرتبة فريق – إلى كلية التجارة لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد، كما أتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا عام 1966، وفي عامي 1962 و1963 درس – وهوبرتبة لواء – في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات.


حياته العسكرية
في عام 1941 عين بعد تخرجه في سلاح المدفعية، واشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا، ثم عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وتولى وهو برتبة مقدم قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات، ثم عُين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية، وتولى بعد ذلك قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية.

طابع بريد يخلد الفريق عبد المنعم رياض


سنة 1958سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز ولقبوه هناك بـ”الجنرال الذهبي”.
عام 1960 بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية، وفي عام 1961 أصبح نائباً لرئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة، وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي.
وفي عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة، ورُقّي في عام 1966 إلى رتبة فريق، وفي مايو1967 عين الفريق قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان عاصمة الأردن، وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق قائدا عاما للجبهة الأردنية.


وفي 11 يونيو1967 – بعد النكسة – أصبح رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية الجديد الفريق أول محمد فوزي في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وتنظيمها.
بطولاته :
حقق الفريق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في معارك حرب الاستنزاف، مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس وذلك في آخر يونيو1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968.
صمم الفريق عبد المنعم رياض الخطة (200) الحربية والتي تطورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت اسم (بدر)، كما أشرف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعداً لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف واسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.

على الجبهة


وفي صبيحة اليوم التالي قرر الفريق أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن قرب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدوفي اليوم السابق.
ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها الفريق بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء. وتوفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه.

الزعيم عبد الناصر والفريق عبد المنعم رياض


وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ووسام نجمة الشرف العسكرية، واعتُبر يوم 9 مارس من كل عام يومًا للشهداء تخليدا لذكراه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى