كاتب ومقال

دار في خاطري| نفحات من الصعيد الطاهر

بقلم: ريم السباعي

“ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗا” هل تذكرك هذه الآية الكريمة بهذه الأيام الطيبة أيام ذو الحجة العشرة الأُوَل؟ أم أن هذه الأيام الطيبة هي التي تجعل هذه الآية تتردد على لسانك وفي قلبك؟ وبماذا تذكرك هذه الأيام العشرة؟ وماذا تعني لك؟ وكيف تقضيها؟

إن هذه الأيام الطيبة من أحب وأفضل الايام عند لله والتي يستحب فيها الدعاء وكثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، إنها من أيام الله التي تطيب بذكر الله، ماذا تتذكر في هذه الأيام؟ إن الذكريات كثيرة وجميلة فمنا من يتذكر يوم ذهب لأداء فريضة الحج، ومنا من يتذكر أيام طفولته وما كان يحدث من طقوس في تلك الأيام، ولكن تبقى الذكرى الأكبر هي ذكرى أناس طيبون لن يأتي الزمان بمثلهم أبدا، ذكرى من وطأت أقدامهم تلك الأرض الطيبة، ذكرى من خلقهم الله لتصحيح مسار البشر، وذكرى من أرسل رحمة للعالمين.

إن أول شيء نتذكره عن تلك الأرض الطيبة هو زوجة صبورة تلبي طلب زوجها وهي راضية لأنه أمر الله، فنتذكر كيف ترك سيدنا إبراهيم زوجته هاجر وابنه الرضيع اسماعيل في تلك الصحراء الجرداء، وهنا لابد أن نتذكر كيف كانت تهرول السيدة هاجر بين جبلي الصفا والمروة باحثة عن الماء، ومن ثم تأتي عناية الله فيتفجر ماء زمزم تحت قدمي سيدنا إسماعيل.

كما أن الحج يذكرنا دائما بنداء سيدنا إبراهيم حيث أمره الله “وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ” وذلك بعد أن رفع القواعد من البيت هو وابنه سيدنا إسماعيل، ذلك البيت العتيق بيت الله الحرام، قبلة المسلمين الذين يقصدوه كل عام لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.

ثم تأخذنا الذاكرة إلى حجة الوداع حيث يقف الرسول صلى الله عليه وسلم على جبل عرفات يخطب في الناس ليتم ذلك البناء الديني والأخلاقي فيوصي بالنساء، ونهى عن القتل وحرمه حيث قال: “أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا”، كما أنه نهى عن الربا والسرقة، وغيرها من وصايا الرسول الكريم التي أوصانا بها في خطبة الوداع.

أما الآن فهل تجدد هذه الأيام عهدنا مع الله؟ هل تعيدنا وصايا الرسول الي الطريق الصحيح؟ هل من الممكن إصلاح ما أفسدته الايام وضغوط الحياة؟ هل تنتهي الرذائل والجرائم في المجتمع؟ هل يحرم الإنسان على نفسه فعل كل قبيح تنفيذا لأمر الله والرسول؟ هل يستطيع القلب أن يمتلئ بالإيمان ويوقن بأن الله دائما معه فيكون ضميره هو قانونه الذي يحكمه ويأمره وينهيه؟ هل ننفذ ما أوصانا به الرسول وهو يودعنا قبل أن يرحل عن عالمنا؟ فلابد أن تعاليمه راسخة في أذهاننا يتردد صداها دائما في قلوبنا حتى نستقيم فقد رحل رسول الله ولن يعود ليخبرنا أننا ابتعدنا كثيرا عن الطريق القويم.

 

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى