كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| الإهمال

عارفين ايه أسوأ حاجة ممكن نقابلها في حياتنا؟
الإهمال.. ودا لأنه بيعتبر بداية النهاية لكل حاجة حلوة، وياريت الأمر بيوقف على الضرر بس، دا بيعتبر جريمة في حق كل اللي بيقع عليه الإهمال، لأنه بالظبط عامل زي ما السوس ما بينخر في الخشب ويحوله لتراب برضه.

الإهمال بينخر في المجتمع لأن الإهمال مالهوش كبير ولا صاحب ولا حد معين لأنه زي الحرباية له ألف شكل وألف لون، لا له سن معين ولا ثقافة أو تعليم ولا حد معين لأنه حتى القليل منه بيولد الكتير من الأذى، ويبدأ بضياع الأفراد وينتهي بضياع المجتمع وتدهور العلاقات الاجتماعية وتمزقها وكمان ضياع الثروة وإفقار الأمة.

تعالوا كدا نبص حوالينا ونشوف أشكال مختلفه له زي الأطفال اللي بتنحرف من صغرها، العمارات اللي بتتهد فوق دماغ سكانها، المرضى اللى بيفقدوا حياتهم أو يصابوا بعاهات تحت مسمى خطأ طبي، الحرايق والحوادث، إهمال بحق الوالدين، إهمال بحقوق الجيران، هنلاقيه بيظهر في صور تانية كمان زي إهمال نظافة الشوارع، عدم الالتزام بقواعد المرور، السلوك العام، وغيرهم من مظاهر كتيرة وكل دا بيندرج تحت اسم الإهمال.

وبالرغم من أن مشوار الإهمال طويل لكن أول خطوة فيه هي الإهمال الأسري، ودا نتيجة غياب ترتيب الأولويات والجهل بمتطلبات الأسرة الأب غايب معظم الوقت لتحسين ظروف حياة أسرته المادية والنتيجة إهمال جوانب تانية كتيرة وللأسف بيكتشف دا بعد فوات الأوان وبيضيع كل حاجة حلوة، وبيهمش دور البيت واللي كان مهم جدا للتربية وغرس القيم والأخلاق وتعريفهم الصح والغلط والحلال والحرام.

زمان كانت لمة العيلة شيء أساسي في كل بيت، بالرغم أن بيبقي فيه اللي في المدارس أو الجامعة أو الشغل، لكن كان لازم يتجمعوا على الغدا حوالين صنية الشاي الكل بيتكلم ويشارك، الكل مهتم بالكل ومهما كانت الظروف هتلاقيهم متجمعين ومهتمين ببعض ومشاكل بعض لكن دلوقتي بالله عليكم كام شاب وشابة قاعدين مع أبوهم وأمهم زي مايكونو قاعدين في لوكاندة؟ مافيش كلام ولاحوار ولا أي اهتمام بيهم يادوبك مجرد وشوش بتتقابل بالصدفة مع بعضها ف مكان بيجمعهم، وحتى في الشوية دول هتلاقي كل واحد ماسك موبايله وباصص فيه.

عايزين نرجع للمفهوم الحقيقي وهو أن الأسرة هي الأساس في كل السلوكيات السليمة، عارفين المقولة اللي بتقول “من شب على شيء شاب عليه” دي حقيقة لعده أسباب، لكن ادأهمهم والسبب الحقيقي لتفشي ظاهرة الإهمال أن مابقاش فية أي توجيه أسري للأولاد من الصغر، وبالتالي مابقاش يفرق معاهم ايه الصح من الغلط أو ترسيخ قيم وأخلاق والدين ودا فعلا من أخطر صور الإهمال.

وعشان كدا تاه الجيل الجديد ما بين متشدد وبين واحد معندهوش أي انتماء والنتيجة ضياع الاتنين بسبب الجهل نتيجة الإهمال.

فاضل نوع من الإهمال وهو حقيقي أصعبهم ومحزن جدا ومؤلم لما نهمل في حق نفسنا ونهمل اللي نحبه ويحبنا، فالإهمال العاطفي سواء كان سوء معاملة الطرف التاني أو استهتار بمشاعره وعواطفه لازم نعرف أنه بيقتل أي علاقة مهما كانت قوية، لازم نفهم أن الإهمال عبارة عن إهانة بس صامتة ورسالة معناها أبعد.

الكلام كتير عن الإهمال بس المهم ازاي نعرف نعالجه وازاي نحذر منه، لازم تعرف أنك لو بتحذر من عدوك مرة لازم تحذر منه ألف مرة، لأنه سبب ضياع المجتمع والثروة وفقر الأمة وكمان تدهور العلاقات الاجتماعية وتمزقها، يعني زيه زي أي مرض فلازم نحذر منه سواء بقليله أو كثيره.

طيب بالعقل كدا دا هيحصل امتى؟
أول حاجة لازم نعترف بالمشكلة والأهم بعدها العقاب بتنفيذ القانون، كل دا واحنا بنحاول نرجع لثقافة التربية الأسرية، ونعمل بشعار زمان يا تري فاكرينه؟، التربية قبل التعليم وإتقان العمل عشان نقدر نحارب كل أشكال الإهمال، مش كدة ولا ايه؟.

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى