كبسولة عم فؤاد| العراب
مش دايمًا البعيد عن العين بعيد عن القلب، أنا ضد المثل دا على طول الخط لأن فيه ناس لما بتبعد عنها بتحس بقربها أكتر، وفيه ناس اصلا من كتر ماهي قريبة من روحك مش بتحس بفقدانها لكن ممكن تحس أنها موجودة وهتشوفها كمان شوية في أي لحظة، ومن الناس دي العراب أحمد خالد توفيق، مين يصدق أن فات 5 سنين على رحيله.
أحمد خالد توفيق يا سادة مش مجرد كاتب عربي من رواد أدب الرعب ولا الأشهر في أدب الشباب والفنتازيا والخيال العلمي والرؤية المستقبلية.. كفاية أنه أخد لقب العراب من محبينه وقراءة لأنهم اعتبروه الأب الروحي ليهم ولكتير من الأدباء الشبان، ومع ذلك رفض اللقب دا وكان دايما بيقول إن الهالة اللي بيضيفها القراء عليه بتزعجه ودا لأنها بتخليه دايما يحس أن عليه مسؤولية ومتوقع منه اللي أكبر من إمكاناته.
العراب كان عبقري كان يقدر بكل سهولة أنه يحبه الشباب من كل أعمارهم ونجح في أنه زي ما سكن في قلوبهم قدر يملى عقولهم ويحببهم في حاجة كانت بعيدة عنهم وهي القراءة، في الفترة دي كان الشباب بدأ يهرب من القراءة لأنها للاسف كانت بتخاطب حاجات بعيدة عنهم وماكنوش لاقيين فيها نفسهم ولا تفكيرهم..
جه هو في الوقت دا وبعبقريته قدر ياخد بأيدهم ويفتح لهم أبواب خفيفة ولطيفة وتكون جاذب ليهم عشان يقدروا يمسكوا كتاب، بعبقريته عرف أن الشباب وقتها مايلة لأفلام الرعب والخيال العلمي فابتدى من الطريق دا وهو أدب الرعب والحق يقال هو رائد هذا النوع من الأدب في العالم العربي.
قدر يحول اهتمامهم من الشاشة لكتيب صغير يشدهم ووظف معلومات كتيرة جوا العمل ذاته من غير إخلال بسياق العمل وكل دا كان مستغل فيه خفة دمه عشان يجذبهم أكتر وأكتر، ومن هنا ابتدى مشواره مع الشباب والقراءة.
ومن الكتيب البسيط اتحول بالقارئ للترجمة فترجم كتير من الأعمال الأدبية العالمية خطوة في منتهي الذكاء عشان تدخل بالقارئ المبتدئ لمرحلة جديدة، وهي مرحلة الروايات والمقالات فمع روايته يوتيوبيا سنة 2008 اللي اترجمت للغات كتيرة ذاع صيته واشتهر وبعدها أصدر رواية السنجة سنة 2012 وإيكاروس وممر الفئران وغيرهم.
وماوقفتش كتابات العراب على الكتابات الأدبية بس، لكن اشتهر بالكتابات السياسية والاجتماعية من خلال كتاباته ومقالاته وكان جمهوره الأول من الشباب من كل أنحاء الوطن العربي لحد ما لقب بأديب الشباب الأول في الوطن العربي.
أسلوبه المميز وكلماته البسيطة كانوا كلمة السر عارفين جملة افتح يا سمسم، دول كانوا كدا ومن هنا أثبت لمدعين العمق والتعقيد أن سهولة وجمال الأدب لما يكون القلم في أيد اللي يعرف ايه اللي ناقص القارئ ويلاقي فيه ضالته.
الله يرحمه كان راجل كبير بقلب شاب بيفهم الشباب ويعبر عنهم وعن مشاكلهم من غير أي خجل، أول كاتب ما رماش اللوم على الشباب فى جميع المشاكل لكن اتكلم هو عن مشاكلهم، وكان كلامه عبارة عن صرخات الشباب دول العاجزين عن التعبير عنها فكان هو صوتهم وقلمهم فألتفوا حوله و لقبوه بالعراب.
رحم الله من كتب علي قبره «جعل الشباب يقرأون»، واللي بموته فقدت الثقافة المصرية والعربية روائي عظيم أثرى الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي، ولكنه زي ما قلنا قبل كدا موجود في قلوب كل قراءه ومريديه اللي كبروا دلوقتي وبيحاولوا يمشوا على خطواته واتعلموا منه وبيحاولوا يوصلوا رسالته للأجيال التانية، رحم الله العراب اللي لا يمكن ننساه، عشان كدا بقولكم إن مش دايما البعيد عن العين بعيد عن القلب.
مش كدا ولا اييييييييييييه؟