كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| عيد مبارك

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.

كلنا عارفين ومتأكدين إن الحج عبادة عظيمة وكمان ركن مهم من أركان الإسلام الخمسة، وفريضة بتاخذ بإيد صاحبها للجنة، دا كفاية إن ربنا سبحانه وتعالى بينعم على عباده اللي بيأدوا فريضة الحج، وبتتقبل منهم بثواب وأجر عظيم، بيعيدهم أنقياء وطاهرين زي يوم ما ولدتهم أمهاتهم، اتمحت كل سيئاتهم وذنوبهم وخطاياهم..

والحج مشقة كبيرة، وعشان كدا هتلاقي إن أركان الإسلام الخمسة وأن حج بيت الله الحرام جه آخر ركن من الأركان، ومش لوحده كدا، دا جه وراه شرط وهو لمن استطاع إليه سبيلا، والسبيل هنا بمعناه الشامل، بمعنى القدرة المالية على تكاليف الرحلة من مصدر حلال، والأمان في الرحلة والطريق والصحبة، والقدرة الصحية..

رب العزة لما فرض علينا الحج وضح لنا الشرط وهو الاستطاعة، ودا لأنه العليم الخبير والرحيم بعباده، ما هو قال في كتابه “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”، ودا يفسر لنا للأسف الكارثة اللي شفناها..

موسم الحج السنة دي كان فيه ارتفاع رهيب في أعداد الحجاج المتوفين والمفقودين بشكل ما حصلش قبل كدا، فكان فيه مفقودين بالجملة وجثامين ناس مرمية بين النفايات، مناظر توجع القلب حقيقي من كم الناس دي لدرجة إن وصل الحال لإطلاق صرخات واستغاثات عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أمل التعرف عليهم والعثور على أهلهم..

وهنا يظهر سؤال: مين اللي مسؤول عن المهازل دي؟ وللأسف الشديد الكل مسؤول فالمسؤولية مشتركة للجميع، فلازم نعترف بوجود خلل في تنظيم الحج السنة دي، ودا اتضافر مع سوء الطقس وكانوا أسباب مهمة في اللي حصل وموت كتير من الحجاج.

البداية مع الارتفاع المهول في تكلفة رحلة الحج، ودا خلى ناس كتير ما يقدروش عليها ومات حلمهم في الحج، مع الوضع في الاعتبار إن معظم الناس دي كبيرة في السن أو أصحاب مرض، وهنا اضطروا للجوء لشركات سياحية عشان توصلهم للأراضي المقدسة بطرق ملتوية، وبكدا ظهر ما يسمى بالحجاج غير النظاميين، وهما الأفراد اللي بيحاولوا أداء مناسك الحج من غير الالتزام بالإجراءات أو الضوابط الرسمية اللي وضعتها السلطات السعودية..

هؤلاء يعني لا معاهم التصاريح اللازمة ولا مسجلين في الحملات المرخصة، وفي نفس الوقت، السلطات السعودية عند مبدأها وهو لا حج دون تصريح لأن الهدف من الإجراءات دي هو تنظيم أداء مناسك الحج لضمان سلامة الحجاج وتوفير أفضل الخدمات لهم، وكمان ضمان أن الحج يتم بشكل منظم وميسر للجميع، ودا اللي حصل في البداية، فتم منع الأشخاص اللي مش معاهم تأشيرة للحج من أداء مناسك الحج، ولكن بعد كدا سمحت السلطات السعودية لهم بالدخول..

وكانت النتيجة المحتمة الزحام والتدافع بين الحجاج، دا غير إن درجة الحرارة على جبل عرفات كانت يومها شديدة جداً، وطبيعي ما يتحملهاش كتير، خصوصاً كبار السن، ومع العدد المهول قلت الخدمات اللي بتقدمها المملكة للحجاج، وهي مياه باردة ومكان ظليل وتكييفات الخيام ووسائل مواصلات بقت شبه منعدمة، فكانوا الحجاج وخصوصاً غير النظاميين أكثرهم عرضة للفقد والهلاك.

والله وجع قلب ما بعده وجع، ربنا يرحمهم ويصبر أهلهم، والله الموقف كله يدعو للحزن والشفقة، ولكن يفضل السؤال: كان هيجري إيه لو الكل سمع كلام ربنا وعقل؟

مثلاً، الشركات أو الكيانات اللي ما تخافش من ربنا ولا الكسب الحرام، ووصلت بإيديها عدد مهول للموت والهلاك، كان هيجري إيه لو كانوا حكموا ضميرهم وإن فلوسهم حرام؟ الكل مسؤول في وجودهم ومشارك، إما بالتعامل معاهم أو غض البصر عنهم، ما هو بسكوتنا زودنا الطينة بلة..

وكمان الأشخاص نفسهم، كان هيجري إيه لو سمعوا وعقلوا كلام ربنا وهي الاستطاعة والأمان؟ ما هو ربنا أدرى بعباده وقدرتهم..

لازم نعرف إن ربنا بيحبنا وبيخاف علينا وعايزنا نمشي في الطريق الصح. وزي ما الصحة رزق، والمال رزق، والولاد رزق، فالحج كمان رزق ربنا هيرزقنا به إن شاء الله في وقته، وربنا يكتبه للجميع ويرجعوا منه بحج مبرور وذنب مغفور.
مش كدا ولا ايييييييه؟

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى