كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| يا مكبرنا يا مصغرنا

قالوا زمان أن اللي مالهوش كبير بيشتري له كبير
يتحامى تحت جناحه ويكبر في ضله ويتعلم من خبراته ويبقى له ضهر وسند وقت ضعفه، ولأن الدنيا دوارة ودوام الحال من المحال الصغير بيكبر والضعيف بيقوى والقوي بيضعف ويحتاج لنفس يتونس بيه وقلب يخاف عليه وأيد تتمد له بالمساعدة ويسند عليها بعد ماكانت هي اللي بتتسند عليه، عشان كدا برضه قالوا اللي سبقونا حكمة وهي يا مكبرنا يا مصغرنا.

وكانوا وقتها بيوصفوا حال اللي اتقدم بيهم العمر على سبيل وصف حالهم وترقيق القلوب ناحيتهم، وبرضه تكون تذكره بسيطة كدا أن مافيش حد مننا إلا وهيتعرض للوصول للمرحلة الحرجة دي من العمر، صحيح الأعمار بإيد الله سبحانه وتعالى ومحدش يعرف هيعيش اد ايه من العمر ولا الوضع اللي هيكون عليه في كبره لكن كلنا عارفين أن اللي بنزرعه انهاردة هو اللي هنحصده بكرة، عشان كدا لازم نشوف احنا بنعمل ايه دلوقتي عشان يتقعد لينا بعد حين.

للأسف الشديد مع مرور الوقت اختلفت المعايير مش نتيجة ظروف الحياة الصعبة لكن لاختفاء المشاعر الإنسانية وبلادة الإحساس، بقى حاجة طبيعية الأب والأم في حياة ناس كتيرة بعد ما كانوا مصدر قوة وسعادة ولادهم اتحولوا لعالة عليهم، وللأسف كتير بيقولوا ويشتكوا من وجودهم في حياة ولادهم..

افتكر زمان لما الأم أو الأب يحب يعاقب ولاده يقولهم أنا هروح دار للمسنين ودي كانت بتبقى قرصة ودن خفيفة لهم عشان ينتبهوا أنهم منشغلين عن آباءهم ففورا يبتدوا الأبناء يشوفوا الخلل فين وايه اللي زعلهم ويصلحوا الأمور الكلام دا أيام ماكان الأبناء مايقدروش يستغنوا عن آباءهم..

لكن تعالوا نشوف اللي بيحصل دلوقتي كتير من الآباء مابيشوفوش أبناءهم بالأسابيع ويمكن بالشهور، والمصيبة أن ممكن يحصل دا وهما في نفس الشقة عايشين حالة اغتراب في عالمهم، وحتى وهما بعيد المكالمات الهاتفية بينهم شحيحة تخيل حالهم بيبقى عامل ازاي ولما يجوا يطلبوا شوية اهتمام تظهر مئات الحجج والأعذار اللي مفروض أن الأهالي يتقبلوها، ولو مش قادرين أنهم يتقبلوها ولا قادرين على الوضع دا فهنا بيجي على لسان الأولاد اقتراح يوجع القلب وهو ليه ما يجيش جليس ومرافق يساعدهم في حياتهم أو مايروحوش دار مسنين هتلاقي العناية والونس وحياة مع ناس حالهم زي حالك..

يا الله بقى وصل بينا الحال لكدا صحيح أنا مش بعمم الوضع لكن صدقوني أنا بنقل صور لناس كتير شفتها ووجعت قلبي، شفت ناس جيرانها كانت أقرب لهم من ولادهم اللي ماخبطوش علي بابهم بالأسابيع والشهور، أنا اعرف حد مأمن جيرانه أنهم يطمنوا بس عليه أنه لسه عايش، كمان شفت ناس بتشتري الونس وبتشتري نضافتها ورعايتها الصحية بفلوس وولادها معاها في نفس الشقة، واللي وجع قلبي شفت حالات وفاة والأبناء كانوا آخر من يعلم.

ارجع أقول أنا مش بعمم لكن بحذر لأن دا بقى بيحصل كتير وخايف أنه يبقى الطبيعي، والله لازم نربي ولادنا وقبلها نربي أنفسنا ونعرف واجبنا ناحيتهم ونفهم حاجة مهمة وهي أن مع تقدمهم في السن بيحسوا بالضعف بعد القوة اللي كانوا بيتمتعوا بها في شبابه..

حسوا بيهم بالله عليكم اشفقوا على ضعفهم وحاجتهم إلى المساعدة والعون، واتمسكوا بيهم وخافوا عليهم زي ماكانوا بيخافوا عليكم خليهم يحسوا أنهم لسه مهمين بين الناس وأن لهم عوزة وفايدة وأنهم مش حمل على اكتافكم ابعدوا عنهم شعور اليأس والعجز، فتكروهم لما كانوا قوتكم وسندكم، راعوهم حتى بغرض حصولكم على الثواب والمكافأة من الله سبحانه..

افهموا أن مرحلة الكبر في السن بتشبه كتير مرحلة الطفولة في كثير من الجوانب الاتنين بيحتاجوا رعاية خاصة ومميزة لأن الاتنين تصرفاتهم متشابهة زي سرعة الانفعال والحساسية المفرطة والنسيان وعدم التركيز وأوقات عدم القدرة على الاعتناء بالمظهر الخارجي والنظافة الشخصية، عشان كدا كبار السن بيحتاجوا إلى الصبر والحكمة وأنك لازم تشعرهم بالأمان والطمأنينة والراحة النفسية وبكدا تكسب محبتهم ورضاهم ورضا ربك.
مش كدا ولا ايييييييه؟

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى