كاتب ومقال

دار في خاطري| من كبلك؟!

هل تخيلت نفسك يوما دمية خشبية؟! أم هل أحسست يوما بأنك دمية خشبية؟! وماذا تفعل إذا شعرت بأنك دمية خشبية؟! أجل! دمية خشبية مكبلة بخيوط رفيعة ومتينة، يحركها الآخر كيفما يشاء، وحيثما يشاء، دون أي اعتراض منها، أو تذمر، أو ضجر.

تخيل أنك أنت هذه الدمية الخشبية، ولكن الفرق بينك وبين أي دمية أخرى أنك ترى تلك اليد التي كبلتك بالخيط، ترى ذلك الشخص الذي يحركك هنا وهناك، تسمع ما يقال عنك، تسمع أقوالا وأفعالا نسبت إليك وأنت لم تقولها ولم تفعلها، تسمع اتهامات وجهت إليك وأنت لست بقادر على الرد، أو الدفاع عن نفسك، لا لأنك مجرد دمية خشبية لا تستطيع الكلام، ولا لأن فمك مربوط، أو قد عقد لسانك، ولكن لأن صوتك لا يسمع، فمهما حاولت رفع صوتك فهو لا يسمع.

ليس كل هذا وحسب، بل لديك عقل يفكر، يعي جيدا ما كان وما سيكون، ولكن صوتك الغير مسموع وقيدك وضعفك يحول بينك وبين التغيير أو التأثير.

إن قيدك هذا يجعلك غير قادر على فعل أي شيء سوى أن تتحرك هنا وهناك حسب رغبة من يحركك، فهو يجد في ذلك إشباعا لرغبته في التحكم والسيطرة، فهو يعي جيدا فهمك وإدراكك لما يفعل، ولكنه على يقين تام بأنك لن تفعل شيئا، أو بالأحرى لن تستطيع فعل شيء، لأنك مكبلا بين يديه.

ولكن ماذا لو حاولت فك قيدك؟! هل تستطيع وحدك فعل ذلك؟! وماذا إن ترك الخيط من يده؟! أتستطيع فكه؟! أم تدعه حتى يأخذه غيره ويعيد تحريكك من جديد؟! وماذا إذا وضعت بيدك المكبلة مقصا لقص الخيط؟! أتستطيع فعل ذلك وتخليص نفسك من القيود؟! أم أنك وقتئذ سوف تخشى فك القيد؟! أم أن ضعفك ووهنك سوف يحول بينك وبين قص الخيط؟! أم الخوف من مجهول آت يجعلك لا تقوى على فكه؟! أو ربما جميع هذه الأسباب؟!

مهما كانت تلك الأسباب، ومهما تعددت أو تحددت فالنتيجة واحدة في النهاية، فإن واضع الخيط في الدمى يعلم جيدا أنها لن تستطيع فك الخيط حتى وإن وضع في يدها المقص، لأنه إن لم يع جيدا ضعفها وعجزها لا ما أعطاها إياه.

بقلم:
ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى