كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| عمر الخيام

أعاد مسلسل “الحشاشين” الجدل مرة أخرى حول العديد من الأحداث التاريخية المرتبطة بتلك الفرقة وتلك الحقبة من التاريخ الإسلامي وهو جدل أراه حميدا حيث سيدفع المهتمين إلى المزيد من البحث والدراسة والتحقيق وخاصة أن العمل الدرامي متميز بالفعل كتابة وإخراجا وتنفيذا وإنتاجا و بالطبع تمثيلا.

من الأمور الجدلية في المسلسل حادثة لقاء الأصدقاء الثلاثة نظام الملك وحسن الصباح وعمر الخيام وتعاهدهم أنه في حالة وصول أي منهم إلى منصب أو ثروة أن يساعد الآخرين وهو ما تحقق لنظام الملك الذي أصبح الوزير الأول للدولة السلجوقية القوية، والحقيقة أن هذا العهد مشكوك فيه خاصة وأن أول ظهور له في التاريخ أتى في مقدمة الترجمة الإنجليزية لرباعيات الخيام على يد الشاعر والكاتب الإنجليزي إدوارد فتزجيرالد المتوفي عام 1883 ميلادية.

وبغض النظر عن تلك الأمور والتي لا يجب أن تمنعنا من الاستمتاع بهذا العمل الدرامي الكبير ولا من أعمال العقل حول تلك الطائفة وغيرها من الطوائف والفرق والجماعات، إلا أن المسلسل وتتر المقدمة الذي يتزين بأبيات من رباعيات الخيام أعاد إلى التفكير في تلك الرباعيات المكتوبة أصلا باللغة الفارسية وذلك لأن من خصائص الرباعيات أن تتفق قافية الشطر الأول والثاني مع الشطر الأخير أو تتفق جميع الشطور في القافية وهو ما اعتقد أنه متحقق بالفعل في النسخة الفارسية ولكن لن يكون كذلك في أي ترجمة أخرى فالأمر يعتمد على براعة المترجم خاصة أنه مقيد بالمعنى والمساحة والحجم أيضا.

أمر مشابه لذلك لاحظته في “المثنوى” لمولانا جلال الدين الرومي والمكتوب أصلا بالفارسية أيضا حيث حصلت على عدد من التراجم باللغة العربية ولكني لم أستطع أن استسيغها أو اكملها لعدم قدرتي على تذوق تلك الترجمات.

والغريب أنه حتى رباعيات الخيام ليست شيئا واحدا ولا هي مسلما بها فالنقاد يقسمونها إلى ثلاثة أقسام يرفضون قسمين أحدهما يمتلئ بالشكوى والتألم من الفقر والحرمان والقسم الثاني يمتلئ بالاستهزاء بالمخلوقات والقدر والكثير من المجون، أما القسم الثالث الذي يعتبره النقاد هو الأصح فلا يزيد عن 200 رباعية تحتوي على أسئلة عن الإنسان والكون والوجود والجبر والاختيار والحث على الصدق والأمانة والعدل والزهد الحقيقي.

قد يكون من أفضل تلك ما تم تناوله من تلك الرباعيات ما قام أحمد رامي بترجمته ولحنه رياض السنباطي وشدت به كوكب الشرق السيدة أم كلثوم عام 1950 حيث بدأت قائلة:
سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى
قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُّ الَقَدر

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى