دار في خاطري| بيت العنكبوت
عدت أنا وأسرتي إلى البيت بعد سفر دام لمدة عام كامل، دخلنا إلى البيت ففتحنا النوافذ لتجديد الهواء، ثم أسرعنا في تنظيف البيت لنتمكن من الجلوس، فقد كان الغبار يغطي كل شيء، ولقد بنت العنكبوت بيوتها في كل ركن، انتهينا من التنظيف ورتبنا البيت وأصبح كل شيء على ما يرام، فشعرنا بالتعب الشديد، فنمنا حتى الصباح.
وفي اليوم التالي وبعد تناول الإفطار، جلس ابني بجواري وقال: أرأيت يا أبي بالأمس أثناء تنظيف البيت كيف كان يسقط بيت العنكبوت بكل سهولة، حقا إنه أوهن البيوت كما ذكر الله تعالى، فقلت له: أجل! ولكن دعني أقص عليك هذه القصة، يحكى أنه في قديم الزمان اختار رجلا امرأة ليتزوجها، وعندما قبلت الزواج طلب منها أن تقوم هي بتشييد البيت وتجهيزه، فهو لا يجيد تلك الأمور، فقبلت ذلك، وتم الزواج بعد أن أصبح البيت جاهزا.
مرت السنون وأنجبت عددا من الأطفال، وفي أحد الأيام أرادت الزوجة الاستيلاء على أموال زوجها، فقد رأت أنه قد أصبح عديم الفائدة، فقامت بقتله، وبذلك تحقق لها ما أرادت، وتمر الأيام ويكبر الأبناء، وتظهر لديهم أطماعا في البيت، فيقوم الأبناء بقتل الأم، فيتحقق لهم ما أرادوا.
نظر إلي ابني وحدق بي النظر وقال: ما هذه القصة يا أبي، لا تحوي على أي شيء ممتع، فقلت له: ما رأيك في هذه الأسرة يا بني؟ فقال: أسرة سيئة، فقلت: إن هذه الأسرة ضعيفة مفككة، لا تربطهم روابط قوية، لذا فبيتهم ضعيف وهن، فقال ابني: كبيت العنكبوت؟! فقلت له: بل هذا هو بيت العنكبوت، يقول الله تعالى: ” كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”
لقد ذكر الله تعالى العنكبوت بصيغة المؤنث لأن أنثى العنكبوت هي التي تشيد البيت، وبعد الإنجاب تقتل الذكر، وعندما يكبر الأبناء يقتلون الام، وفي ذلك يكمن الوهن الحقيقي في بيت العنكبوت.