دار في خاطري| عيد الأضحى
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر
ولله الحمد
هكذا علت تكبيرات العيد بعد انتهاء صلاة الفجر، فملأت المساجد والشوارع والبيوت، فشعرت بأن أصواتنا يتردد صداها في الأفق البعيد، وشعرت بأن أشجار القرية وزروعها، وأحجار البيوت وأبوابها تردد معنا في بهجة وسرور، أجل! إنها فرحة العيد التي تغمر الكون بأكمله، فكل صغير وكبير يفرح بقدوم العيد وينتظره، ويعد له كل ما هو مبهج.
أتى وقت صلاة العيد، وفور سماع عبارة “الصلاة جامعة” اصطف المصلون، وساد الصمت والسكون، حتى قطعه صوت الإمام قائلا: ” الله أكبر”.
انتهينا من الصلاة، واستمعنا إلى الخطبة التي تحدث فيها الإمام عن الأضحية ونصيب الفقراء منها، كما ذكر قصة سيدنا إسماعيل وكيف فداه الله بعدما امتثل لأمر الله.
خرجنا من المسجد، وما هي إلا دقائق حتى كان الضجيج في الشوارع مزيج من أصوات البشر كبارا وصغارا، وأصوات الأضحيات أغناما وماشية، ومن ثم بدأ الناس في ذبح الأضحيات.
وقفت انظر إلى الخروف الذي أخذه أبي إلى مصيره المحتوم، ثم قال لي أبي: هيا إذا أردتي مشاهدته مع إخوتك، فقلت له: لا! سوف أذهب إلى المطبخ واساعد أمي في إعداد الفتة، فضحك وقال: ألم تقولي بالأمس أنك سوف تشرفين على توزيع الأضحية على الفقراء بنفسك؟! فقلت: أجل! ولكن … سوف يقوم أخي بذلك، وهذا لا يعني أنني لم أفعل خيرا، بل أنني سوف أعد مع أمي الطعام الذي سنقدمه على المائدة التي اتفقنا على إعدادها.
لقد اتفق أبي وأمي على إعداد مائدة طعام كبيرة تضم أشهى أنواع الطعام، ونضعها في ملتقى شوارع القرية حتى يراها الناس جميعا ويقبلون عليها حتى لا يبقى جائعا في قريتنا، وعندما علم بعض الجيران بالفكرة، قرروا مشاركتنا.
وفي تمام الواحدة ظهرا كانت مائدة طعام كبيرة معدة تضم أطباقا شهية، وبالفعل لم يكن هناك جائعا في قريتنا، قلت لأبي: لماذا لا نعيد فعل هذا الأمر كل أسبوع أو كل شهر، قال: ولكن النحر يكون مرة في كل عام، قلت أجل! ولكن تطوعا منا من أجل الفقراء، فقال: تقصدين صدقات، يمكن ذلك بالتعاون مع جيراننا الطيبين ممن يحبون الخير، قلت حسنا وأنا سوف أتفق مع صديقاتي لنتعاون في إعداد الطعام مع أمهاتنا، يا لها من فكرة رائعة ألا تجد جائعا في أرضك.