كاتب ومقال

دار في خاطري| لماذا تنتقد ما تقرأ؟!

إنها حقيقة مؤكدة فلا كتاب في هذا العالم يخلو من الخطأ، وذلك لأنه ليس بقرآن، أجل! إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد على وجه الأرض الخال من الأخطاء، لأنه كتاب الله عز وجل، ومعجزته التي اصطفى بها نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأي كتاب دونه فقد خطه البشر، فهو يحمل بين طياته أخطاء، حتى وإن كان ذلك الخطأ بسيط فلابد من وجود خطأ، لأن الإنسان خطّاء، فهذه هي قناعتي ويقيني الدائم منذ بدأت في كتابة أولى كتاباتي، فعلمت كيف يخطئ الكاتب، ويعجز عن الكتابة حينا، ويخطئ التعبير أحيانا، فربما تجد الكلمة في غير موضعها، ولكن القرآن الكريم تجد كل حرف وقد وضع في موضعه الصحيح.

وحتى لا ننساق في مقارنة بين القرآن الكريم والكتب الأخرى فلنجعل القرآن في عليائه وهيا بنا عزيزي القارئ نتحدث عن الكتب التي يخطها البشر، ودعني أبدأ بالحديث عن نفسي حين أقرأ، وعن وجهة نظري، ورأيي فيما أقرأ.

عندما أقرأ كتابا فإنني أتيقن بأنني سوف أسير خطوة في طريق الثقافة، لذا فلابد أن أستفيد من ذلك الكتاب، ولا أسفهه أو أقلل من شأنه، وعندما أحصل على قدر وفير من المعلومات، إذن فهذا كتاب قيم حتى وإن كان أسلوبه ليس بالأسلوب السلس أو المشوق بالنسبة لي، فهذه هي مشكلتي أو إختلافي عن الآخر الذي ربما راق له أسلوب الكتاب، أو ربما كان ذلك هو الخطأ الذي حمله ذلك الكتاب، أما الروايات التي تنال إعجابي، فتكون تلك التي تحمل مغزى، وقدر من المعلومات، وقد أتفق مع كاتبها حول الأفكار والأحداث، ربما أختلف مع الكاتب حول أمر معين، ولكن لا يفسد ذلك الرواية، وإن لم أجد نقطة خلاف فهذا لا يعني أن الكتاب متكامل لا يحمل خطأ، ولكن ربما لم ألحظه أو أدركه في حين لاحظه وأدركه غيري، فهذا لا يعيب الكتاب أو الرواية أو يحط من شأنهما.

أما إذا لم أحصل على أي معلومة جديدة أو مفيدة، أو لم أجد المغزى من الرواية، فإنني على الفور أرجع السبب لنفسي التي لم تدرك ما أخفته السطور، ولكنني لن ألجأ إلى القول بأنه كتاب سئ، أو رواية لا قيمة لها إلا إذا وجدت الخارج عن القيم أو دس الأفكار السلبية.

كنت أظن أن ما أفعله هذا هو ما يفعله كل قارئ مع إختلاف كل شخص في الذوق والميول، والقدرة على الفهم والإدراك، كما أن للثقافة والوعي دور أساسي أيضا في إنتقاء الكتب، ولكن ما رأيته منتشرا الآن وللأسف الشديد هو أن القارئ يبحث عن شيء ما في نفسه بين الكتب والروايات، إن وجدها أعلى من شأن العمل الذي قرأه، وإن لم يجده حط من قدر ما قرأه.

لقد أصبح القارئ ينتقد الكتب التي لا تروق له نقدا سلبيا لاذعا ليحط من شأنها، وينقص من قيمتها دون أن تحمل في طياتها أسبابا جوهرية تدفعه لذلك، فربما كان السبب لذلك النقد السلبي هو إختلاف في وجهات النظر، أو عدم فهم المغزى، أو أن أسلوب الكاتب لا يروق له.

ولكن ما يحزن حقا هو أن تجد القارئ ينتقد كتابا لأنه بعيدا عن الإسفاف والإبتذال، أو أنه ينتقد كتابا يحمل كثيرا من المعلومات متهما كاتبه بأنه يستعرض معلوماته، ويكون بذلك قد ضرب بعرض الحائط كل ما بذله الكاتب من جهد في تقديم كتابا راقيا مفيدا للقارئ الذي إن لم يبحث بين صفحات الكتب عن العلم والثقافة، فعن ماذا يبحث إذن؟!

إنني لا أرفض النقد بل بالعكس أحبذه ولكن لابد أن يكون نقدا بناء، يجعل الكاتب يدرك خطأه ليصلحه، ولا أفضل ذلك النقد الهدام الذي  يبنى على قراءة سطحية غير واعية وغير مدركة لما تقرأ.

فعندما تنتقد كتابا لابد أن تبحث أولا عن الإيجابيات، فإن لم تجدها فأعرض السلبيات من وجهة نظرك بأسلوب راق ينم عن فكر واع، فأما اللاذع فلا يليق إلا بمن ينفث السموم في العقول، لمحو القيم والأخلاق.

بقلم: ريم السباعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى