مجسمات وصناعات تراثية تعكس مدى براعة الأنامل المصرية، وقدرتها على الإبداع وإبراز الخامات المحلية في أبهى صورة، وهذا ما اعتمد عليه مصطفى إسماعيل، المحترف في فن صناعة الحرف التراثية بكافة أشكالها وبمختلف الخامات النمطية والخارجة عن المألوف أيضًا.
بدأت موهبة مصطفى منذ الصغر، فعشقه للفن بشكل عام ظل يراوده، وبالرغم من تخصصه في مجال الكمبيوتر من الناحية الدراسية، لكنه فضل أن تكون حياته العملية متعلقة بفن النحت والحرف التراثية.
وقال مصطفى لـ «كلمتنا» إنه شغوف بجميع أنواع الفنون، وبالفنون المرتبطة بالتاريخ بشكل خاص، فكان دائم القراءة عن الحرف التراثية وكيف تطورت. ولصقل موهبته، حرص على أن يتعلم ذلك من أرض الواقع بالجلوس مع «الحرفيين» ومشاهدتهم أثناء عملهم، ومن ثم شراء خامات للتجربة.
بعد إدراك مصطفى أن شغفه بالحرف التراثية ليس مجرد هواية، قرر أن ينقل تلك التجربة للأطفال من خلال تدريبهم. وكانت البداية مع الرسم، ولم يكن الأمر بتلك الصعوبة فهو بالأساس «مدرب» في الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأيضًا في وزارة الشباب والرياضة والمجلس القومي للمرأة والتضامن الاجتماعي.
واستطرد مصطفى حديثه لـ «كلمتنا»: «أنا اشتغلت مع الأطفال على حرف صعبة يمكن على الكبار كمان، زي الجلد ونشر النحاس والطرق على المعادن والماركتريه».
تلك الحرف من المفترض أن تكون صعبة بعض الشيء على الأطفال لكثرة التفاصيل، وكانت المهمة الأكبر لدى مصطفى تبسيط المعلومة ونقلها للطفل بكافة النواحي، بداية من كيفية التعامل مع الأدوات والخامات وصولًا لإخراج المجسم في صورته النهائية.
وأضاف مصطفى: «الطفل لديه طاقة وقدرة على الاستيعاب تفوق الكبار، وكنت حريصًا على توظيف قدراتهم بشكل سليم، لمنحهم الثقة فيما يقومون به وتوظيف الفن بطريقة تتناسب مع أعمارهم».
كانت نتيجة تدريب الأطفال غير متوقعة لتنفيذهم للحرف بشكل دقيق، وبعد عرض مصطفى لمنتجاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، بدأت تتواصل معه أكثر من جهة لتدريب الكبار، وفي كل مرة يختار مصطفى حرفة مختلفة.
مصطفى لم يكتفِ بذلك بل قرر تأسيس مبادرة تحت مسمى «أصلها مصري» للحفاظ على الحرف التراثية من الاندثار. واقترح تلك الفكرة على جمعية «أجواء خير مصر»، وبالفعل أبرموا بروتوكول تعاون مع مؤسسة سفراء العمل التطوعي، وتم إنشاء ورش عمل لتأهيل الشباب من كل محافظة كي يكونوا مسؤولين عن تدريب الأسر المعيلة على الحرف التراثية، ليكون هناك متابعة مستمرة بعد التدريب.
واختتم مصطفى حديثه: «نتائج التدريب الحمد لله كانت كويسة، ودربت تقريبًا كل المحافظات، وبتابع دايمًا اللي عايزين يكملوا، وبكون سعيدًا لما بشوف ناس من اللي دربتهم بدأوا يشتغلوا في مجال الحرف».