كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| متى يتوقف عبث الشبكات؟

هل تستطيع أي فتاة أن ترتدي قميص نوم أحمر اللون وتتجول في الشوارع والطرقات، أو تقوم بالرقص على أنغام موسيقى راقصة، أو يتجول أحدهم في الطرقات والتجمعات ممدًا يده متسولًا عدة جنيهات، أو يقوم أحدهم بالتوجه إلى أحد المقاهي حيث يتوسط الحضور ويتحدث عن التاريخ والسياسة والاقتصاد والدين بدون دليل أو معرفة أو حتى دعوة من هؤلاء الحضور؟

هل يستطيع أحد أن يسرق بطاقة الهوية أو البطاقة البنكية لشخص آخر ويستخدمهما ببساطة، أو أن يقوم بسرقة سيارة أو منزل أو أي من مقتنيات الآخرين وينسبها إليه؟ هل يمكن أن يحدث أي من هذا في الواقع؟ الإجابة الحقيقية هي “نعم، من الممكن أن يحدث هذا”، ولكن في الغالب لن يمر من دون عقاب، عقاب شعبي من المحيطين أو عقاب من أحد بنود قوانين العقوبات أو منهما معًا وبنفس الترتيب.

للأسف، لا أدري إن كان البعض يعتقد أنه يستطيع أن يفعل تلك الأفعال أو أكثر منها داخل شبكة الإنترنت ومن خلال تطبيقاتها المختلفة ويمر سالمًا، سواء كان داخل البلاد أو خارجها. هل هي الرغبة في الشهرة ولفت الانتباه، أم الرغبة في الإحساس بالأهمية، أم الرغبة في حصد الأموال، أو تحريك الجموع ضد توجه معين، أو محاولة إقناعهم بتوجه آخر، أم بعض من تلك الأسباب أو كلها أو أكثر من ذلك أيضًا؟

أتاحت تطبيقات التواصل الاجتماعي تلك الأمور بسهولة ويسر. يعتقد البعض أن الأمر لن يكلفه أكثر من هاتف محمول مزود بكاميرا عالية أو متوسطة الدقة، وخط أو باقة للاتصال بشبكة الإنترنت، ثم يفعل ما يحلو له. قد يكون الأمر مجرد تسلية وإضاعة للوقت، خاصة للمتابعين الذين يتابعون كل هذا العبث وبأعداد كبيرة تصل إلى ملايين المستخدمين. بعضهم يشعر بالملل أو الرغبة في متابعة كل مدهش وغريب، وقد يفعلها البعض الآخر لمقاومة الأرق ليلاً أو لدفع نوبة ليلية مملة إلى الانتهاء. ولكن كل ذلك وكل تلك الأسباب يمكن أن يقوم صاحبها بالتسلية والترويح عن نفسه بأساليب أخرى أكثر رقيًا وأقل ضررًا. الإنترنت تمتلئ بالكثير من التراث العلمي والأدبي والفني والدرامي العظيم الذي تربينا عليه وعلقنا به، وسَمَت به أرواحنا وأذواقنا، ونضجت به عقولنا قبل أن تعبث بعقولنا تلك الشبكات.

الخطورة أن مجرد مشاهدة تلك الأمور، حتى مع الامتعاض والنفور، فإن شيئًا منها يبقى في الوجدان ويستقر في العقل الباطن، ومع الوقت قد نصاب بالتعود والاستمراء، وربما الإدمان، ونتحول من أشخاص راقين إلى كائنات أكثر تفاهة من الذبابة الطائرة.

متى يتوقف هذا العبث؟ سؤال لا توجد له إجابة على المستوى العام. فالعبث سيستمر وسيزيد، ولكن علينا أن نضع على قلوبنا وعقولنا أقفالًا وسدودًا لمنع هذا الهراء، وعلى جهات إنفاذ القانون الاستمرار في ملاحقة ومتابعة ذلك والتعامل معه، تمامًا مثلما تعمل على الأرض وفي الواقع.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى