كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| هندسة الايعازات

هندسة الايعازات.. من يتعرض لهذا التعبير لأول مرة ربما يشعر أن محدثه متحذلق أو يحاول تعقيد الأمور. والحقيقة أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، فهذا التعبير أصبح منتشرًا في الآونة الأخيرة، وترجمته بالإنجليزية هي Prompt Engineering أو Command Engineering. ومعناه ببساطة مهارة صياغة الأوامر المناسبة بوضوح ودقة حتى تتمكن أنظمة الذكاء الاصطناعي من توليد المحتوى أو النتيجة المطلوبة بصورة دقيقة ومرضية للمستخدم.

فالكثير من المستخدمين لا يحصلون من تطبيقات الذكاء الاصطناعي على نتائج مرضية، فيصفون تلك الأنظمة بأنها غير دقيقة أو غير فعالة، أو أن النتيجة غير شاملة وينقصها الكثير. والحقيقة أن برامج الذكاء الاصطناعي تتصف بتلك الصفات في بعض الأحيان، خاصة في النسخ المجانية منها، إلا أن عاملاً كبيرًا من عوامل هذا الفشل يعود إلى عدم تمكن المستخدم من إعطاء الأوامر أو الطلبات بصورة فعالة.

فعلى سبيل المثال، إذا أراد المستخدم الحصول على معلومات عن موضوع ما، وليكن “التغيرات المناخية”، فإنه في الغالب سيسأل تطبيقات الذكاء الاصطناعي قائلاً: “أريد معلومات عن قضية التغيرات المناخية”. وهنا ستأتيه إجابات قد يراها غير ملائمة له، مثلما هو الحال إذا كان سؤاله أكثر تحديديًا، مثل أن يسأل قائلاً: “أريد معلومات عن التغيرات المناخية، تاريخها وأسبابها وطرق علاجها والجهود الدولية التي تتم في هذا المجال، مع تقديم المراجع والروابط الدالة على أي معلومات، على أن تكون النتيجة المطلوبة في مستوى المتخصص في مجالات البيئة والتغيرات المناخية”. ففي هذه الحالة، ستكون النتيجة أكثر شمولية ودقة وتحديدًا وموثوقية أيضًا.

ولا يقتصر الأمر على المقالات والدراسات، بل يشمل أيضًا الأوامر التي يتم إعطاؤها لمنظومات الذكاء الاصطناعي لتوليد برمجيات أو صور أو مقاطع فيديو أو مقطوعات موسيقية… إلخ. ولذلك، فإن كتابة وصياغة الأمر بصورة فعالة يمكن اعتبارها أحد المهارات أو الفنون الواجب تعلمها عند التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن الحصول عليها عن طريق أحد مسارين أو بهما معًا.

المسار الأول يعتمد على التجربة والخطأ، أي يقوم المستخدم بسؤال نظام الذكاء الاصطناعي ثم يقوم بدراسة وتقييم الناتج، ومن ثم يعود ويسأله مرة أخرى. وهو ما أسميته من قبل “أسلوب عصير القصب”، فهو يشبه قيام عاصر القصب بإدخال العيدان إلى ماكينة العصر عدة مرات حتى يحصل على كل ما بها من سائل. أما الطريقة الثانية، فتعتمد على البحث عبر شبكة الإنترنت أو من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي ذاتها لتعطيه قائمة بأكثر الأوامر فاعلية في موضوع ما، أو يستخدم الطريقتين معًا، فيقوم بالبحث عن الأسلوب الأمثل للصياغة ثم يقوم بمراجعة الناتج ويعيد تعديل تلك الأوامر للحصول على نتائج أكثر ملائمة.

وما يزال الذكاء الاصطناعي يحمل الكثير من المفاجآت ومن محددات الاستخدام، والتي أتوقع أن تكون هي المهارة الأولى للتفريق بين مستخدم وآخر أو موظف وآخر في السنوات القليلة القادمة.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى