كلمة ورد غطاها| هل التفاهة مفيدة؟

التفاهة هي الخلو من الجدوى والقيمة والهدف والفائدة. هذا ما نعرفه عن المفهوم وما نراه يوميًا بصورة متكررة، سواء في بعض ممن نراهم ونتعامل معهم من البشر، أو ما نطالعه على شبكات التواصل الاجتماعي، التي أتاحلت للتفاهة وللتافهين متنفسًا واسعًا لممارسة التفاهة وتعظيمها. وهو أمر يؤدي إلى تعفن الدماغ وضيق الصدر، ويصرف المستخدمين عن الأمور المفيدة أو على الأقل يمنعهم عن الراحة والاستجمام والتأمل والهدوء.
ولكن، وامعانًا في التفاهة، طرأ سؤال على ذهني عما إذا كانت التفاهة مفيدة، وهو ما أحالني إلى عدد من المميزات. منها أن التفاهة، أو فلنقل القليل من التفاهة، مطلوب. فالحياة لا يجب أن نأخذها على أنها مأساة، هذا إذا أردنا أن نصمد أمامها. هكذا قال الأديب الراحل توفيق الحكيم. كما أن القليل من التفاهة مطلوب للتسلية عن النفس وكوسيلة للاسترخاء والهروب من ضغوطات الحياة. التفاهة أيضًا تساعد على اكتشاف الآخرين ومدى عمقهم أو ضحالتهم، والتعرف على حالتهم النفسية وقدراتهم العقلية ومستوى الذكاء وخفة أو ثقل الدم أيضًا.
التفاهة أيضًا يمكن استخدامها كحائط صد أو سياج يحمي من العلاقات العميقة، ويبقي العلاقات السطحية لأطول وقت ممكن. فلنقل إنها شعرة معاوية التي تمكننا من البقاء في مجتمع تافه بدلاً من إطلاق الرصاص على رؤوس أفراده.
الخطورة تكمن في الإفراط في التفاهة وتحولها من عارض مؤقت إلى نمط حياة، وهنا يتحول الشخص إلى “تافه أصلي” بدلاً من “تافه زائر” أو “تافه ضيف”. كما أن هذا الإفراط قد يؤثر على النمو المهني والاجتماعي والشخصي، ويؤثر سلبًا على القدرات العقلية وعلى الحالة النفسية. فيمكن أن يكون مدخلاً للإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر، كما يمكن أن يؤثر أيضًا على القدرة الاستيعابية للأمور الهامة والقدرة التحليلية للأحداث والشخصيات التي نتعامل معها كل يوم.
في النهاية، الميزان في يدك وأنت وحدك القادر على معرفة المقدار المناسب من التفاهة أو النقطة التي تسقط بعدها في بئر التفاهة السحيق.