
أثارت واقعة وقف صرف معاش الفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهرة ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما تردد أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي طلبت حضوره شخصيًا أو إرسال موظف إلى منزله للتأكد من كونه على قيد الحياة، قبل إعادة صرف المعاش. ورغم أن الهيئة سارعت لاحقًا بالاعتذار الرسمي، فإن الحادثة سلطت الضوء مجددًا على كيفية تعامل الجهات الرسمية مع كبار السن، وخصوصًا من تجاوزوا سن الخامسة والثمانين عامًا.
تفاصيل الواقعة وتدخل الهيئة
وفقًا لما أعلنته الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، فإن وقف المعاش لم يكن متعمدًا أو مرتبطًا مباشرة بعمر الفنان، بل حدث نتيجة “مشكلة تقنية محدودة”، وتم تداركها فورًا بعد علم الهيئة بالواقعة. وأوضح البيان الرسمي أن رئيس الهيئة، اللواء جمال عوض، وجّه بسرعة التواصل مع الفنان عبد الرحمن أبو زهرة، وتقديم باقة ورد تقديرًا لمسيرته الفنية، والاعتذار عمّا حدث من خلل في الخدمة.
إجراء تقني أم عرف إداري؟
بالرغم من التوضيح الرسمي، أعادت الواقعة الجدل حول ما يُعرف بإجراء “شهادة الحياة” التي تطلبها التأمينات الاجتماعية من كبار السن بصفة دورية، خاصة من تجاوزوا الـ85 عامًا، كوسيلة للتأكد من استحقاق صرف المعاش. ويؤكد مسؤولون سابقون أن الإجراء روتيني ويُطبق على الجميع، بهدف الحد من صرف معاشات لأشخاص متوفين لم يتم تسجيل وفاتهم رسميًا.
وتُتيح الهيئة لأصحاب المعاشات طرقًا متعددة لإثبات الحياة، سواء بالحضور الشخصي، أو تقديم توكيل رسمي، أو حتى عبر زيارة موظف للمنزل، خصوصًا للحالات الصحية الحرجة. هذا الإجراء، ورغم منطقيته من الناحية القانونية، قد لا يُراعى دائمًا البُعد الإنساني في طريقة تنفيذه، وهو ما أظهرته حالة الفنان الكبير.
هل هناك نص قانوني يجيز وقف المعاش بسبب التقدم في السن؟
قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 لا ينص صراحة على وقف المعاش بسبب التقدم في السن. بل إن استمرار صرف المعاش يرتبط بتحقق شروط الاستحقاق، وأهمها حياة صاحب المعاش. وتُعد “شهادة الحياة” مجرد وسيلة للتحقق وليست شرطًا قانونيًا لقطع المعاش، بل إجراء إداري احترازي.
ردود فعل متباينة: احترام الرموز أم تطبيق القواعد؟
أثارت الواقعة تفاعلًا كبيرًا، حيث عبر كثيرون عن استيائهم من الطريقة التي تم بها التعامل مع الفنان عبد الرحمن أبو زهرة، داعين إلى مراعاة خصوصية وكرامة كبار السن، لا سيما الرموز الفنية والثقافية التي خدمت الوطن لعقود. بينما رأى آخرون أن الإجراءات يجب أن تُطبق على الجميع دون استثناء، مع أهمية تحسين آلية تنفيذها لتكون أكثر احترامًا وإنسانية.
الهيئة تُراجع الإجراءات وتُطمئن المواطنين
الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، في ختام بيانها، أكدت احترامها الكامل لجميع أصحاب المعاشات، وبخاصة الرموز الوطنية، وأشارت إلى استمرار جهودها في تطوير أنظمتها الفنية وتحسين خدماتها لضمان راحة المواطنين. كما أكدت أن ما حدث مع الفنان أبو زهرة لا يعكس سياستها العامة، وأنها بصدد مراجعة الإجراءات لضمان عدم تكرار الموقف مع أي مواطن آخر.
تكشف واقعة الفنان عبد الرحمن أبو زهرة عن ضرورة تحقيق توازن بين تطبيق القوانين واللوائح، وبين احترام البعد الإنساني والاجتماعي لكبار السن. فبينما تهدف الإجراءات الاحترازية لحماية المال العام وضمان العدالة، فإن طريقة تنفيذها لا بد أن تراعي كرامة من خدموا الوطن بفنهم أو عملهم لعقود، وأن تُعاملهم المؤسسات الرسمية بما يليق بمكانتهم وتاريخهم.