هي كاتبة وروائية بريطانية، تربعت على عرش الأدبي البوليسي، حتى اعتبرت من أهم وأعرق أدباء القصة البوليسية في العصر الحديث، حيث حازت على شهرة واسعة وفريدة من مختلف أنحاء العالم، حتى حققت روايتها المترجمة بلغات عدة مبيعات تصل إلى مليار رواية، كما عرفت بكتاباتها المليئة بالغموض والإثارة في تعقب الأدلة والبحث عن الحقيقة، واكتشاف مرتكبي الجرائم.
لكن هل شهدت حياتها قصة غامضة كانت هي بطلتها؟
في عام 1914 عندما كانت تبلغ أجاثا 24 عامًا، التقت بالكولونيل أرشيبلد كريستي الذي كان طيارًا في الفيلق الملكي، ثم تزوجا في 24 ديسمبر من نفس العام، ليتحول اسمها من أجاثا ماري إلى أجاثا كريستي، وأنجبت منه طفلة واحدة “روزاليند”.
لكن لم يتحقق التفاهم بينهما، الأمر الذي بحثت عنه أجاثا دومًا بين سطور رواياتها، وفي يومًا ما أفصح لها زوجها عن علاقته بامرأة أخرى، تدعى نانسي بيل، فشعرت بجرح لا يرى يمزق فؤادها، حتى اشتعلت مشاجرة عنيفة بينهما، ثم في صمت وهدوء اختفت أجاثا كريستي للمرة الأولى!
أما في المرة الثانية فكانت في إحدى ليالي ديسمبر عام 1926، حيث كانت تبلغ 36 عامًا، ودعت أجاثا ابنتها الصغيرة، ثم استقلت السيارة الخاصة بها وهرولت مغادرة منزلها في انجلترا إلى الطريق العام، وفي اليوم التالي من رحيلها، عثر على سيارة الروائية كريستي فارغة، بالقرب من مدينة غيلدفورد.
وكانت عجلاتها الأمامية تتدلى من الحافة، فقد منعها سياج مرتفع وسميك من الشجيرات من السقوط، حيث تصدر خبر إختفائها الغامض عناوين الصحف البريطانية، كما بدأت السلطات البريطانية في تمشيط المنطقة بحثًا عنها، حيث تعددت الأقاويل والإشاعات، حتى قامت السلطات بتكثيف البحث عن أجاثا، فقرر المحققون أنها قضية انتحار إلى أن يثبت عكس ذلك.
وبعد تسعة أيام من اختفائها، شوهدت في منتجع هاروغيت، ولكن أبلغت الصحافة أنها تعاني فقدان ذاكرة تام، فهي لا تعرف من تكون، وما زال اللغز قائمًا حتى هذه اللحظة، فما زال المؤرخون يتساءلون أكان الأمر انتقامًا أم اكتئابًا حاد أم فقدانًا للذاكرة؟، حتى مر 15 شهرًا بعد الحادثة، ورفعت أجاثا كريستي دعوة طلاق على زوجها، وتزوجت مجددًا بعد مرور عامين عن انفصالها بعالم الآثار “ماكس مالون”.
اقرأ أيضًا: “أوبرا وينفري”.. من ضحية اعتداء جنسي إلى أشهر مذيعة في العالم
نشأة أجاثا كريستي
في 15 سبتمبر عام 1890، ولدت الكاتبة البريطانية أجاثا ماري كلاريسا ميلز في انجلترا، تلقت أجاثا تعليمًا منزليًا حسب التقاليد في تلك الفترة، من خلال مجموعة من المعلمين بالإضافة إلى مربيتها، كما عشقت سلسلة قصص آرثر كونان دويل “شيرلوك هولمز”، والمسرحيات الخيالية، وابتكار الشخصيات الوهمية.
كانت تحيا طفولة كما وصفتها “سعيدة جدًا” وهادئة مفعمة بالحب والسلام، كما حرصت أسرتها على تنمية مواهبها، فمارست لعبة الكروكيه وتلقت دروس العزف على البيانو، وبعد وفاة والدها، وعودتها برفقة والدتها المريضة من رحلة علاجية بالقاهرة، حيث كانت أولى وجهات البريطانيين آنذاك.
تزوجت عام 1914 من أرشيبلد كريستي، وتطوعت حينها كممرضة لمساعدة جرحى الحرب العالمية الأولى، كما عملت مساعدة في صيدلية خلال الحرب العالمية الثانية مما جعلها تتقن أنواع السموم جيدًا وهو ما غلب على معظم رواياتها، حتى تابعت أجاثا كتابات كانت بدأتها من قبل ولكن رفضت أعمالها لرداءتها، لكنها تمكست بأحلامها وحبها للغموض والخيال.
اقرأ أيضًا: لماذا يحيط الغموض بالدقائق الأخيرة من حياة الأميرة ديانا؟.. إليك الإجابة
رحلتها نحو العالمية
في عام 1920 بدأت أولى سطور روايتها، وخطت نحو طريق الشهرة بقصة “قضية ستايلز الغامضة”، لتقدم للعالم شخصية هيركيول بوارو، وهي الشخصية التي ستلازم حكاياتها في 33 قصة غامضة، ثم نشرت قصتها الثانية “العدو الغامض” عام 1922، وبحلول عام 1924، كانت قد نشرت أجاثا 6 قصص، حتى عام 1926 نشرت رواية “مقتل روجر أكرويد” التي حققت نجاحًا باهرًا وعظيمًا.
لكن سعادتها بذلك النجاح لم يكتمل، فغادرت والدتها الحياة وأفصح لها زوجها عن علاقته بامرأة أخرى، وبعد زواجها للمرة الثانية عام 1930، اطلقت قصة جديدة أخرى تحمل عنوان “جريمة قتل في مفر النيابة”، واعتبرت إحدى الروايات الكلاسيكية التي تعلق بها الجمهور، لتقدم خلالها الآنسة “جين ماربل” المحققة الريفية، فاعتبر كلًا من ماربل وبوارو أشهر شخصيات القصص البوليسية التي قدمتها أجاثا خلال رواياتها.
توالت الروايات التي حملت قصص خيالية مدهشة، جعلتها ملكة الأدب البوليسي في العالم أجمع، حيث كتبت 66 رواية بوليسية، و 14 مجموعة قصصية بالإضافة إلى أطول مسرحية في العالم “مصيدة الفئران”، كما كتبت ست روايات رومانسية عرفت باسم “ماري ويستماكوت”، التي زعم البعض أنها تتناول قصة حياتها الشخصية.
اقرأ أيضًا: قادمة من دار الأيتام.. كيف وصلت “كوكو شانيل” للعالمية؟
تصنيف جينيس
بحسب تصنيف جينيس للأرقام القياسية، صنفت أجاثا كريستي الروائية الأكثر مبيعًا للكتب، حيث بيع أكثر من 2 مليار نسخة حول العالم، وبحسب قاعدة اليونسكو فهي أكثر الكتاب الذين ترجمت رواياتهم، حيث ترجمت كتبها إلى أكثر من 103 لغة حول العالم، مما جعل روايات الغموض تتربع على عرش الكتب على مر التاريخ.
كما احتلت أعمالها المرتبة الثالثة في قائمة أكثر الكتب الأكثر انتشارًا في العالم، وتعتبر رواية “ثم لم يبق أحد”، الرواية الأكثر مبيعًا لأجاثا كريستي، فقد بيع منها أكثر من 100 مليون نسخة بلغات مختلفة، كما تم تحويل العديد من أعمالها إلى أفلام سنيمائية، وتحول القصص القصيرة إلى ألعاب فيديو ورسوم هزلية، وفي عام 1955 كانت كريستي أول من تلقى جائزة جراند ماستر، وهي أفضل تكريم لكتاب الغموض في أمريكا.
توفيت أجاثا كريستي في 12 يناير عام 1976، عن عمر يناهز 85 عامًا، ودفنت في فناء كنيسة سانت ماري في شولسي، حيث كانت ولازالت أهم أدباء القصة البوليسية على مر التاريخ.
اقرأ أيضًا: الروائية “آسيا جبار”.. عقود من النضال بالقلم تنتهي بجائزة سلام
أشهر أعمال الروائية أجاثا كريستي
• رواية مقتل روجر أكرويد في عام 1926.
• رواية الخطر في نهاية البيت في عام 1932.
• رواية جريمة في قطار الشرق السريع في عام 1934.
• رواية موت وسط الغيوم في عام 1935.
• رواية عيد ميلاد هيركيول بوارو في عام 1938.
• رواية ثم لم يبق أحد في عام 1939.
• رواية خمسة خنازير صغيرة في عام 1943.
• رواية جريمة في ملعب الغولف 1923.
• رواية الستارة في عام 1975.
• رواية ذو البدلة البنية.
• رواية سر جريمة تشيمنيز أو أسرار المداخن.
• رواية جريمة في القرية.
• رواية الجريمة النائمة 1976.
• لغز القطار الأزرق 1928.
اقرأ أيضًا: سيدات أنهت الشهرة حياتهن في ظروف غامضة