زكي نجيب محمود.. فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة
حُظيت مصر بثرائها الأدبي والثقافي، اعتبرت منارة العالم لما أهدته للعالم من أدباء وفلاسفة وفنانين ومغنيين، خرج من رحمها نجيب محفوظ، طه حسين، إحسان عبد القدوس، عبد الحليم حافظ، أم كلثوم، عبد الوهاب، يحيي الفخراني و عادل إمام.
قدمت من كل فن وأدب لون مختلف، وكان من بينهم زكي نجيب محفوظ، الفيلسوف والأديب، عرف ب “فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة”؛ كان أديبًا موسوعيًا يسعى لمزج الفلسفة مع الأدب، وعرض خلاصة فكره للناس ليكون قريب منهم، ويصل إلى مداركهم.
يعد من أبرز رموز الفن في العصر الحديث، في مصر والعالم العربي، عمل على تكسير الفجوة بين عقل المجتمع والتنوير، واهتم بتنوير العقول وإحياء ما فيها من مواهب وإمكانيات لا يدرك أصحابها مدى أهميتها.
حصل على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة القاهرة وحاز على درجة الدكتوراة من جامعة لندن سنة 1947، وعقب تخرجه عمل بالتدريس في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، واستمر بالعمل فيها حتى أحيل على التقاعد 1965، وعمل أستاذًا متفرغًا.
سافر من بعدها إلى الكويت 1968 وعمل هناك أستاذًا للفسلفة، لمدة 5 سنوات متصلة، وعمل أستاذ زائر في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم ملحقًا ثقافيًا بالسفارة المصرية في واشنطن عامي 1954، 1955.
العلاقة التي نشأت بينه وبين الصحافة
علاقة قوية توطدت مع أهم إنجازات زكي في مجال الصحافة، فاستطاعت الصحافة أن تجتذب زكي في فترة قصيرة ومبكرة، فكانت بدايته مع مجلة الرسالة من أول إصدار لها 1932، وكتب بها مقالات عديدة.
غلب على مقالاته الطابع الفلسفي، وانضم إلى لجنة التأليف والترجمة والنشر التي كان يترأسها الكاتب الصحفي أحمد أمين 1965، وقصدته وزارة الثقافة لإنشاء مجلة فكرية وفلسفية معاصرة، فصدرت مجلة “الفكر المعاصر” وبالفعل رأس تحريرها، وشارك بمقال أسبوعي بجريدة الأهرام سنة 1973 ضمن الأسرة الأدبية التي انضم لها.
ثلاثيته تروي سيرته الذاتية
قصة نفس 1965، قصة عقل 1984، حصاد السنين 1991، ثلاثية زكي نجيب التي كتب فيها حصاد نجاحت وإخفاقات تعرض لها خلال مسيرته على الجانب الشخصي والمهني لديه، وهو آخر ما كتبه، توقف بعدها عن الكتابة، وشعر بعدها أنه أدى رسالته ولم يعد لديه جديد يقدمه، إضافة إلى ضعف بصره الذي اشتد عليه ومنعه من القراءة والكتابة.
ليروي في كل جزء من الثلاثية جزء من قصة حياته:
قصة نفس
كتب زكي نجيب الجزء الأول وهو في الستين من عمره، أوضح فى المقدمة أنه بناها على أسلوب أدبي سردي، وهو أن يروي قصة تلك النفس من خلال أحاديثها المستبطنة والدفينة؛ أي أن يكون محور التناول الرئيسي هو العناية بتفاصيل الخلجات والمشاعر الداخلية قبل الأحداث التاريخية.
قصة عقل
جاء كتابه “قصة عقل” الذي يتناول فيه قصة سفره إلى لندن للالتحاق بجامعتها فى أواسط الأربعينات، حتى حصوله على الدكتوراة وعودته إلى مصر، يعرض في الكتاب مسيرته لتطوره الفكري، بين أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات حين سيطرت عليه فكرة التغريب والدعوة إلى الأخذ بالثقافة الغربية التي صنعت حضارتنا الحديثة، وعن تبنيه فلسفة “الوضعية المنطقية”.
حصاد السنين
صدر الجزء الثالث من سيرة زكي نجيب محمود قبل وفاته بعامين فقط، وهي بمثابة شهادة على الحياة الثقافية المصرية من أواخر العشرينيات من القرن العشرين حتى لحظة صدور الكتاب، واستوعبت بذلك ثلاثة أرباع القرن الماضي بكل ما اشتمل عليه من أحداث وتغيرات على المستويين الداخلي والدولي، وتناول عن مشاركاته فى الحياة الثقافية والعلمية من خلال عضويته فى العديد من اللجان الثقافية والفنية بالإضافة إلى رئاسته تحرير مجلة «الفكر المعاصر»، ودوره كأستاذ للفلسفة بكلية الآداب.
مؤلفات الأديب
جنة العبيط 1947، الثورة على الأبواب سنة 1955، شروق من الغرب سنة 1961، أيام في أمريكا، قصة نفس سنة 1965، فنون الأدب في العالم سنة 1945، قشور ولباب سنة 1957، فلسفة وفن سنة 1964، قصة الفلسفة اليونانية سنة 1935، قصة الفلسفة الحديثة سنة 1936، المنطق الوضعي سنة 1951، حدود وطريقة التحليل سنة 1952 وخرافة الميتافيزيقا سنة 1953.
الجوائز والأوسمة التي حاز عليها
جائزة الدولة التشجيعية سنة 1960، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1975، وجائزة الثقافة العربية سنة 1985، ومنحته الجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتوراة الفخرية سنة 1985، وحصل على جائزة سلطان العويس سنة 1991 من دولة الإمارات العربية.
زكي نجيب محمود، الذي ولد فى 1فبراير 1905 ورحل بجسده في 8 سبتمبر 1993، وترك تراثا مميزا لم يقدمه أي مفكر عربي سواه، كما عشق الفلسفة وحصل على الدكتوراه فيها من لندن، وقام بتدريسها طوال حياته حتى بالأوقات التي شغل فيها مناصب رسمية.