كلمتها

هل استقلال المرأة عن عائلتها موضة أم احتياج؟

في الآونة الأخيرة انتشر مصطلح “استرونج إندبندنت وومن” بين الفتيات والنساء، وأصبح يطلق على كل امرأة مستقلة بذاتها إذا كان ماديًا أو مستقلة عن عائلتها بالكامل، لكن في الحقيقة الأمر أصبح يتداول بكثرة دون داع حتى تحول إلى موضة العصر، فأصبحت كل الفتيات تطلق على ذاتها ذلك المسمى، فهل استقلال المرأة أصبح موضة أم أنه احتياج؟

استرونج إندبندنت وومن:

لجأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى استخدام هذا المصطلح في كل ما يخص المرأة، بطريقة فكاهية وأخرى معبرة حتى فقد المصطلح قوته ومعناه الحقيقي وأصبح سمعاه أو رؤيته شيء أقل حتى من العادي، لكننا بالعودة إليه تلقي الضوء على ظاهرة مجتمعية انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي دفع عدد كبير من الفتيات والسيدات تلجأن إليه باختلاف حالتهن وظروفهن، ألا وهو الاستقلال.

لكن الاستقلال في الحقيقة يحمل شقين، وهما الاستقلال المادي فقط وآخر الاستقلال الاجتماعي بعيدًا عن العائلة تمامًا، فالاستقلال المادي ليس بالشيء الصعب في الحقيقة، فحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن نسبة المرأة المصرية في قوة العمل هي 14,3% من إجمالي قوة العمل وهي بالتأكيد تتزايد عامًا تلو الآخر بالتحديد في ظل تمكين المرأة تبعًا لأهداف التنمية المستدامة 2030.

فهناك ملايين السيدات في مختلف نواحي البلد تعملن ومستقلات ماديًا عن أسرتهن باختلاف أعمارهن، والأمر في الحقيقة إيجابي إذا كان برضا المرأة، بمعنى أن هناك فتيات وسيدات قررن أن يعملن لأنهن ببساطة يريدن ذلك وليس بالإجبار، فالأمر يكسبهن خبرات عظيمة وثقة بالنفس والقدرة على تحمل المسؤولية والاعتماد على الذات.

لكن في حالات أخرى هناك عائلات تجبر الفتاة على العمل من أجل توفير مصروف البيت مهما بلغ سنها آنذاك حتى ولو كانت طفلة، الأمر الذي يجردها من برائتها ومشاعرها، فهناك فتيات غير قادرات على تحمل مسؤولية العمل بعد، وإذا كانت ما زالت تدرس فالأمر كذلك يشكل عبئًا على حياتها، الأمر الذي قد يصل إلى العنف أحيانًا من أجل إجبارها على العمل، لكننا في هذا المقال بالتحديد سنناقش الشق الآخر وهو استقلال المرأة عن عائلتها برضاها التام والأسباب التي دفعتها لاتخاذ ذلك القرار وما هي نظرة المجتمع لهذه المرأة.

اقرأ أيضًا: هل السفر يعيد بناء شخصية المرأة من جديد؟

هل استقلال المرأة احتياج؟

فكرة استقلال المرأة لم تكن متاحة أو مقبولة سابقًا سواء من وجهة نظر العائلة أو المجتمع الذي ما زال يرفض تلك الفكرة ويرمق هذا الفتاة بنظرة غير لائقة، لكننا اعتدنا على النظر إلى النتيجة وليس الأسباب التي قد تدفع المرأة إلى اتخاذ هذه الخطوة، وتحمل مسؤولية ذاتها بالكامل من كل النواحي، بداية من البيت التي تمكث فيه والطعام والتنظيف وصولًا إلى العمل ومحاولة الموازنة بينهما وكذلك الاهتمام بذاتها وصحتها النفسية كذلك، لذلك هل سألت نفسك يومًا عن السبب الذي قد يدفع المرأة على تنفيذ هذا القرار؟

في الحقيقة لا يمكننا إنكار أن هناك بعض الفتيات والسيدات قررن الاستقلال من أجل اتباع الموضة وتقليد هذه وتلك دون نظر بعين العقل إلى حجم هذه الخطوة، الأمر الذي يجعل بعضهن تتراجع ألف خطوة إلى الوراء وأخريات تقررن مواجهة ذلك الأمر وإثبات لنفسها وعائلتها والمجتمع إنها “قادرة على التحدي”، وأيضًا من أجل من تطالب بالحرية والشعارات التي انتشرت في الآونة الأخيرة عن الاستنرونج إندبندنت وومن.

لكن دعونا نتحدث عن تلك المرأة التي قررت تنفيذ هذا القرار من أجل “الاحتياج”، فعدد كبير من هذه السيدات يتعرضن للعنف والتحرش الجنسي من الأقارب فضلًا عن المشاكل الأسرية التي تدمر شخصيتها وحالتها النفسية، الأمر الذي يجعلها تود الهروب بعيدًا حيث السلام قليلًا من أجل أن تعيش حياة هادئة مستقرة مهما كانت صعبة، لكنها بالكاد أقل وطأة من تلك اللحظات التي نمضيها في بيت العائلة.

أما أن السبب الآخر، فبعض السيدات بمجرد وصولهن إلى عمر الثلاثينيات وغير متزوجة تشعر بأنها تريد مزيدًا من الحرية والاستقلال، فتقرر تأجير بيتًا لها بعيدًا عن العائلة ولكن مع بقائها على تواصل تام معهم، لكن للأسف ما زال المجتمع غير متقبل تلك الفكرة على الإطلاق، وينظر إلى تلك المرأة التي تعيش بمفردها نظرة مهينة، فعندما تقرر البحث عن منزل ما، يرفض صاحبها تأجيرها لها لأنها امرأة بمفردها دون رجل فيثير ذلك شكوكه نحو أمور أخرى تحدث في الخفاء، الأمر الذي يجعلها تواجه صعوبات وإهانات لا حصر لها، والأصعب إذا كانت مضطرة إلى تنفيذ خطوة الاستقلال.

ولأن السينما والدراما لابد وأن يناقشا المشاكل الاجتماعية الذي نشهدها في الآونة الأخيرة، بالتحديد تمرد المرأة على العادات والتقاليد وقرار تحررها من القيود، فقامت الممثلة أمينة خليل ببطولة مسلسل “ليه لأ” بدور “عاليا” تلك المرأة الثلاثينية التي تقرر مواجهة المجتمع ورفض أهلها، والاستقلال ماديًا واجتماعيًا والصراعات التي تواجهها من أجل تحقيق تلك الغاية، فهل تعتقد أن استقلال المرأة عن عائلتها مجرد موضة أم أنه احتياج؟

اقرأ أيضًا: كيف جسدت السينما المصرية المرأة العاملة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى