سنوات المراهقة تكاد تكون أصعب الفترات التي تمر على الأم بشأن تربية طفلها، فهي المرحلة التي تتكون فيها شخصية الأبناء ويصاحبها تغيرات نفسية وجسدية وبعض التغييرات في شخصية ابنكِ لعل أهمها العصبية والغضب التي تجتاح كيانه، لذا كيف يمكنكِ التعامل مع المراهق العصبي؟
تغيرات فترة المراهقة
لقد اعتدتِ على طفلكِ الهاديء الصغير لا صراخ ولا عناد على الإطلاق، لكن بمرور السنوات تجدين ذلك الطفل أصبح مراهقًا كل غايته إبراز ذاته وآرائه، كما أن اهتماماته لم تعد تتبلور تجاه الألعاب والتنزه وإنما أصبح الأمر أكبر من ذلك بكثير وإذا لم تنتبهي لذلك الأمر ستحدث فجوة بينكما تمنعكما من التواصل بشكل لائق.
لكن ذلك التغير يحدث بشكل تدريجي، فأحيانًا انشغالك عنه وعدم الفهم الكامل لتلك الفترة يجعلك لا تنتبهين لتلك التغيرات الطفيفة حتى يصبح طفلكِ فجأة رجلًا ذي سلوكيات جديدة غير معتادة عليها، حتى يبدأ بالصراخ في وجهك ويثير غضبك.
الأمر الذي يجعلكِ تفقدين أعصابك أحيانًا ومن هنا يزداد الأمر سوءًا، لأن بتلك الطريقة لن يصل أي منكم لحل سليم ومن هنا تتفاقم المشكلات ويشعر ابنك أنكِ لا تستطعين فهمه وإدارك ما يريده حتى يبتعد عنكِ شيئًا فشيء وصولًا إلى مرحلة انعدام التواصل والمشاركة بينكما، ويقتصر الأمر على عصبية ابنكِ بشكل مفرط ولكن ما هو السبب وراء تلك العصبية المفرطة غير المبررة من وجهة نظركِ؟
اقرأ أيضًا: للمراهقات.. تجنبي هذه الأشياء
السبب وراء عصبية المراهق
في ظل ضغوط الحياة ومسؤلياتها وانشغالكِ أحيانًا عن ابنكِ باعتباره أنه لم يعد صغيرًا يشعره ذلك بالإهمال، الأمر الذي يجعله يلجأ إلى العصبية والصوت العالي من أجل لفت الانتباه إليه ولوجوده الذي قد يغفله البعض.
كذلك قد تشعرين في تلك المرحلة بالخوف الزائد على ابنك نظرًا لتلك المرحلة المضطربة، الأمر الذي يجعل أخطاءه غير مقبولة أبدًا، ولأنكِ أيضًا قد تفسرين تصرفاته بشكل خاطيء، يصيبه ذلك بالتوتر الشديد والعصبية، لأنه يشعر أن ذلك يفوق قدرته على التحمل، حيث إنه لا يريد سوى التحرر والخروج من تلك القوقعة.
كما أن أكثر ما قد يثير غصب المراهق وتثور عصبيته هو عندما تقومين بإحراجه أمام الآخرين، لأنكِ بذلك قمتِ بإهانة كبريائه لأنه في تلك المرحلة يكون حساسًا لذاته بشكل كبير، كما أنكِ عندما تقارنيه بمن حوله يصيبه ذلك بالعصبية والغضب مهما اعتقدتي عكس ذلك.
الأمر الذي قد يجعله في بعض الأحيان عدوانيًا واندفاعيًا ولا يمكنكِ السيطرة على عصبيته، كما عليكِ أيضًا تجنب تفضيل أشقائه عنه لأنكِ بدون قصد تجعليه دومًا يحاول اختلاق مشكلات معهم بسبب عصبيته المفرطة من ذلك الأمر، لأنه في الغالب لا يشعر بحبك تجاهه مثل غيره من أشقائه.
كما عليكِ الانتباه يا عزيزتي أن المشاكل الزوجية من شأنها أن تؤثر على أبنائك بشكل كبير، الأمر الذي قد يجعل المراهق متوترًا دائمًا وعصبي وعنيد لا يطيق المناقشات ولا يمكنكِ السيطرة عليه.
لكن قد يختلف المراهق من شخص لآخر في طريقة التعبير عن مشاعره وغضبه، فهناك من يقمع عصبيته داخل قلبه ويلتزم الصمت، وآخر يقتصر غضبه على الكلام فقط دون التصرف بسوء، وهناك مراهق قد يجعله غضبه يثور نحو تكسير المنزل للتعبير عن عصبيته الشديدة وكذلك من الممكن أن يصل الأمر إلى ضرب أحد أشقائه أو أصدقائه.
لذا كيف يمكنكِ التعامل مع المراهق العصبي؟
اقرأ أيضًا: للمراهقات.. 5 كتب ستغير وجهة نظرك تجاه نفسك والحياة
كيفية التعامل مع المراهق العصبي
قبل أي شيء عليكِ بناء جسر من التواصل والحوار مع ابنكِ المراهق لأن ذلك الأمر من شأنه أن يحد من عصبيته كثيرًا لأنه ببساطة اعتاد على الحديث معك واعتبركِ منطقة الأمان التي يبحث عنها.
كما عليكِ انتظار الوقت الذي يكون فيه هادئًا بعيدًا عن العصبية وابدأي في حديثك معه وطرح الاسئلة والتوصل إلى حلول وسطية، لأن الحديث معه وهو يستشيط غضبًا ليس هو الحل الأمثل على الإطلاق لأن بذلك ستتفاقم المشكلة وتتعقد دون الوصول إلى حلول تساعد الطرفين.
فإذا حدث واجتاحت كيانه العصبية، عليكِ التزام الصمت بشكل تام لأنه بذلك سيتدارك خطأه والسوء الذي فعله ومن ثم ستجدينه يهدأ شيئًا فشيء ثم يعتذر لكِ عما بدر منه.
كما أنه عليكِ العمل على زيادة ثقته بنفسه، الأمر الذي سيشكل فارقًا كبيرًا في حياته ومن شأنه أيضًا أن يحد من عصبيته، كما عليكِ ترك مساحة شخصية له وعدم التدخل في خصوصياته بشكل كبير، وحاولي أيضًا اكتشاف مواهبه وتنميتها وتشجعيه على المواصلة من أجل تحقيق نجاحًا عظيمًا فيها، الأمر الذي سيعزز ثقته بنفسه ويقلل من غضبه.
عليكِ أيضًا تفهم مرحلة المراهقة بشكل كبير وما هي احتياجات تلك المرحلة وكيف يمكنكِ التعامل مع ابنكِ، وما هي التغيرات التي ستطرأ عليه وما هو تفكيره، الأمر الذي سيجعلكِ قادرة على التعامل معه بشكل معاصر أكثر يمنع حدوث مشكلات وكذلك كي لا تتسبب أخطاء جهل كيفية التعامل مع المراهق في إصابته بالعصبية الشديدة.
اقرأ أيضًا: خبير اجتماعي يفسر لـ “كلمتنا” سبب معاناة الطفل العربي من كبت المشاعر