حوارات

كلمتنا تحاور “إسراء البابلي” أول طبيبة أسنان صماء في مصر والعالم العربي

كتبت: أمنية أحمد

هل سألت نفسك يومًا لماذا خلقت “الأحلام”؟ منذ طفولتنا ولكل منا حلمه الذي صنعته مخيلته، لكن بمرور الوقت تختلف نظرتنا للحياة فتتلاشى أحلام وتخلق أخرى، لكنها في الحقيقة هي السر وراء رغبتك في الاستمرارية رُغم صعوبة الحياة، ولكن ماذا لو أخبرك العالم أن حلمك يشبه المستحيل؟ هل ستظل تقاوم؟

“إسراء البابلي” تلك المرأة التي اكتشفت عائلتها معاناتها مع السمع الضعيف منذ نعومة أظافرها، فاجتاحت الأسرة مشاعر الخوف والتوتر والحزن ورهبة من المستقبل وما سيحدث خلال رحلة حياتها، لكن إسراء البابلي فضلت التمرد على هذه الحالة بدلًا من الاستسلام لتقرر أنها ستدرس واحدة من أصعب الدراسات في العالم وهي “الطب”.

على الرغم من صعوبة رحلتها إلا أنها استطاعت وبجدارة أن تصبح أول طبيبة أسنان صماء في مصر والعالم العربي، وأول متحدثة صماء في تاريخ الأمم المتحدة، وكذلك أول طبيبة أسنان من ذوي الهمم تترشح لانتخابات مجلس نقابة الأطباء، كيف حدث ذلك وماذا واجهت إسراء خلال رحلتها؟ تسرده لكم منصة “كلمتنا” في السطور التالية في حوار خاص أجرته مع الطبيبة “إسراء البابلي”.

اقرأ أيضًا: الروائية ريم بسيوني في حوارها مع كلمتنا: “علينا تقديم أعمال تحمل الصدق والجمال للشباب”

الطبيبة إسراء البابلي:

بدأت إسراء البابلي حديثها لمنصة “كلمتنا” قائلة: “منذ أكثر من 25 عامًا في يوم ما، كنت أبلغ من العمر 11 شهرًا، شك والدي آنذاك أن هناك شيئًا ما يحدث غير طبيعي، على الرغم من إنكار والدتي لذلك، ليقوم الطبيب بتشخيص أنني مصابة بصمم عميق بكلتنا الأذنين، وأن ربما استخدام السماعة قد يجعلني التقط الأصوات وبالفعل في نوفمبر 1991 ارتديت سماعة الأذن “فوناك” لتبدأ رحلتي”.

أضافت البابلي قائلة: “بعد ثلات سنوات أمضيتهم في تدريب يومي، تمكنت من قراءة الشفاه وكلمات قليلة، لتبدأ المرحلة التالية وهي بدء الحياة الدراسية، مرَ العام الأول بسلام بسبب سيدة إنجليزية تستخدم السماعة كانت تتولى صفوف الأطفال آنذاك، لكن بعد رحيلها وبدء العام التالي، رفضت المدرسة استمراري فيها، وكانت تخبر عائلتي أنه عليّ الالتحاق بمدارس الصم وأيضًا تعلم لغة الإشارة، لكن كان لعائلتي رأيًا آخرًا وهو أن لغة الإشارة تخلق عالم محدود جدًا في التعامل مع من حولي”.

أكملت إسراء البابلي حديثها قائلها: “التحقت بمدرسة توفر لي سبل الدعم حسب طبيعة الحاسة المفقودة، لتتوج مراحل دراستي التعليمية بالإنسانية والتفوق، كما شاركت والدتي في تأهيلي حتى أحدثت تقدمًا رائعًا في النطق واللغة، وصولًا إلى فقداني لما تبقى من سمع الأذن اليسرى في عامي الثانوي الأول، حتى أكملت المرحلة الثانوية معتمدة على سماعة أذن واحدة تلتقط بعض الأصوات فقط، الأمر الذي جعلني أشعر بالإحباط وفقدان الأمل”.

أردفت البابلي قائلة: “عند وصولي للصف الثالث الثانوي قررت أنني سالتحق بكلية طب الفم والأسنان، حتى تخرجت من المدرسة بأعلى معدل تحققه امرأة فاقدة لحاسة السمع منذ الولادة، حتى قبل رئيس جامعة المستقبل أن التحق بهذه الكلية، وكان ذلك بمثابة رسالة تخبر العالم أن ذوي الهمم قادرون دائمًا، لكن رُغم ذلك لم تمر سنوات الجامعة على ما يرام أبدًا، فكنت أتعرض للتجاهل والإهمال وإعلان البعض لعدم تقبل وجودي بينهم بل وأيضًا أنه ليس من حقي أن أصبح طبيبة”.

ثم أكملت إسراء البابلي قائلة: “تدربت في العديد من عيادات الأسنان، حتى أدركوا بالفعل أنني طبيبة أسنان جيدة، حتى قمت في النهاية بافتتاح عيادتي الخاصة لأصبح أول صماء تقوم بهذه الخطوة، كما أنني طوال الوقت أحاول تحسين قدراتي المهنية، وكذلك قدراتي في التواصل الاجتماعي وأيضًا في لغتي، حتى بدأت أنادي بتغيير المفاهيم المجتمعية وقبول الآخر، فنحن يحق لنا أن نحقق أحلامنا، ونعيش حياة نحن نريدها وليست مفروضة علينا، فأنا أرفض أننا نتصنف أو تتحدد قدراتنا كما من الضروري أن تتوفر لنا كل السبل والدعم والإتاحة لتحقيق أهدافنا”.

أردفت قائلة: “مؤتمر المبادرون الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي، في رأيي هو بداية الطريق الصحيح لخطوات مهمة فى توفير سبل الإتاحة لذوي المهم، فأي إنسان فاقد لأي حاسة لابد أن يعيش حياة طبيعية، كما أن مؤتمر المبادرون يعتمد فى توصياته على أشخاص هم أصحاب الشأن والقضية، يتحدثون عن أنفسهم ويطرحوا الحلول، فنحن أصدق من يعبر عن مشاكلنا واحتياجاتنا، ونحن أفضل من يقدم الحلول”.

أنهت إسراء البابلي حديثها لمنصة “كلمتنا” قائلة: “إذا كان هناك شيئًا أسعى إليه أو أتمنى أن يتحقق، فهو أن وجودنا وتواجدنا فى أي مكان يكون طبيعيًا، نتنافس على الوظيفة ونحصل عليها لأننا نستحقها، ولا يتم استبعادنا لأننا فاقدي حاسة ما، فنحن أولاد كل أسرة وموجودين فى كل بيت وكل عائلة، لذلك نريد أن أهلنا يحتضنونا ويدعمونا ويخافون علينا”.

اقرأ أيضًا: كلمتنا تحاور “نهى داود” الروائية الحاصلة على جائزة الكاتب الأكثر مبيعًا

Related Articles

Back to top button