إذا كنت تبحث عن الجمال والطبيعة الساحرة والألوان المبهجة والحضارة المصرية القديمة، بالتأكيد ستحتل أسوان هذه القائمة، المدينة العريقة التي يتوافد إليها السياح كل عام من أجل زيارة هذه الأرض العظيمة والتعرف على ملامحها.
واليوم بالتحديد هو أحد الأيام التي ينتظرها العالم لرؤية ظاهرة فريدة لا تحدث إلا مرتين فقط في العام في 22 فبراير و22 أكتوبر بمنطقة أبو سمبل بمحافظة أسوان، وهي تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني، هذا المنظر الساحر الذي يجذب إليه الأعين بانبهار شديد، وهذه الظاهر أيضًا هي بمثابة بدء موسم الزارعة في مصر القديمة.
كيف اكتشفت ظاهرة تعامد الشمس؟
في عام 1874 اكتشفت ظاهرة تعامد الشمس على يد الكاتبة البريطانية “إميليا إدوارد” وفريقها الخاص، فهي رصدت هذه الظاهرة الفريدة ومن ثم سجلتها فى كتابها الذي نشر في عام 1899 وحمل عنوان “ألف ميل فوق النيل”، فإذا تحدثنا عن عمر هذه الظاهرة فهو يبلغ نحو 33 قرنا.
فمع بداية شروق الشمس تبدأ ظاهرة تعامد الشمس في الظهور ومن ثم تستمر لمدة 20 أو 25 دقيقة،، ويجتمع زوار تلك المدينة الرائعة لرؤية هذه الظاهرة الساحرة، والتي تبرهن على التقدم الكبير الذي توصلت إليه مصر القديمة منذ عصور طويلة.
اقرأ أيضًا: ضريح آغا خان.. معلم أسوان مصر وحضارتها
لحظات فريدة
أثناء هذه الظاهرة، تخترق أشعة الشمس الممر الأمامي لمدخل معبد رمسيس الثاني بطول 200 متر، ومن ثم تصل إلى قدس الأقداس، الذي يتكون من منصة تضم 4 ثماثيل تتعامد الشمس على 3 منهم، وهم تمثال الملك رمسيس الثاني، وتمثال الإله رع حور أخته، وأيضًا تمثال والإله آمون في صورة جذابة ورائعة، والجدير بالذكر أن الشمس لا تتعامد على التمثال الرابع وهو الإله بتاح، لأن كان إله الظلام للمصرين القدماء.
والجدير بالذكر أنه قبل عام 1964 كانت هذه الظاهرة تحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير، لكن بعد نقل معبد أبو سمبل، وبعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي في الستينيات، أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير.
ما سبب حدوث هذه الظاهرة؟
إذا تحدثنا عن سبب تعامد الشمس ففي الحقيقة هناك روايتين، تخبرنا الأولى أن المصريين قبل آلاف السنوات صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد، وذلك من أجل تحديد بدء الموسم الزراعي، أما الرواية الثانية تخبرنا أن يومي 22 أكتوبر و22 فبراير كل عام، يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثاني ويوم توليه العرش.
وجاء ذلك نتيجة لاختيار القدماء المصريين نقطة في مسار شروق الشمس وهي تبعد عن نقطتي مسارها بزمن قدره 4 أشهر لتتوافق مع الأيام المحددة كل عام، ثم بنوا المصريين المعبد بحيث يكون اتجاه المسار الذي تدخل منه الشمس على وجه رمسيس الثاني من ناحية الشرق.
ومن فتحة ضيقة محسوبة بدقة بحيث إذا دخلت أشعة الشمس في يوم وسقطت على وجه التمثال، فإنها في اليوم التالي تنحرف انحرافًا صغيرًا قدره ربع درجة، وبهذا تسقط الأشعة في اليوم التالي على جدار الفتحة ولا تسقط على وجه التمثال، وهذا إن دل على شيئًا، فيخبرنا تقدم وعظمة القدماء المصريون في علم الفلك والنحت والتخطيط والهندسة والتصوير.
اقرأ أيضًا: لكل اسم حكاية| ما السر وراء “جزيرة الفنتين” بأسوان؟