عندما تسير كل صباح في طريقك الى العمل أو الجامعة فهل يكون الطريق خاليا من الناس؟ وإذا كان الطريق خاليا فهل هذا الأمر يزعجك؟ هل تود السير دائما بين الناس؟ أم أن السير وحيدا في الطريق لا يزعجك؟ وماذا إذا كنت تسير في الطريق والناس يسيرون عكس إتجاهك؟ فهل هذا يعني أنك تسير خطأ؟ أم أن الناس هم المخطئون؟ أم أنك على صواب وهم أيضا على صواب فلكل وجهته التي يعلمها ويقصدها؟
لكل منا طريق يقطعه كل يوم إما ليذهب إلى العمل، أو إلى الجامعة أو المدرسة، أو إلى التسوق، فكل منا يعلم طريقه جيدا ويقطعه بثقة وثبات لأنه يحفظه عن ظهر قلب، ومن الطبيعي والمنطقي أن لا أحد يغير طريقه إذا رأي الناس يسيرون عكس إتجاهه، فطريقه معلوم لديه، وطريقهم معلوم لديهم.
إن هذا ما يحدث بالفعل في الطرق في المدينة والريف، وفي كل بلد وفي كل قطر، ولكن ماذا عن طريق آخر؟ طريق معنوي وليس مادي، طريقك نحو تحقيق هدفك، فهل تسير فيه كما خططت له؟ أم تسير فيه حيث الناس يسيرون؟ وماذا لو وجدت نفسك تسير في عكس إتجاه الناس؟! فهل هذا الأمر يجعلك تغير وجهتك أي هدفك لتواكب الركب فتتجه من حيث يتجه الناس؟!
إذا كان هدفك نبيلا، فلابد أن تسلك إليه طريقا شريفا حتى وإن كان هذا الطريق مخالف لما يفعله البشر، فمثلا إذا كنت طالبا فإن هدفك هو النجاح، فلابد أن تصل إليه بالاجتهاد والمذاكرة، ولا تلجأ للغش أبدا حتى إذا وجدت زملائك جميعهم دون إستثناء يغشون، وإذا رأيت جميع زملائك في العمل ينافقون رئيسهم من أجل إصلاح أحوالهم، فسر في طريقك ولا تبالي لنفاقهم، وإستجب لصوت الحق الذي يصرخ بداخلك حتى إذا كنت تخالف الجميع وتسير في الطريق المعاكس.
وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال هل السير في الطريق المعاكس ذلك يعني أن أحدهم صحيح والآخر خطأ؟! إن الإجابة على هذا السؤال هي لا! فمثلا عندما تذهب الى عملك فلابد أن تسلك الطريق المتجه شرقا، بينما جميع جيرانك يسلكون الطريق المتجه غربا للذهاب إلى العمل، فهنا كلا الطريقين صحيح، فمقر عملك يقع في الجهة الشرقية، بينما أعمالهم تقع في الجهة الغربية، هكذا تكون الأهداف والسير نحوها، فلكل هدفه ولكل طريقه.
إن عليك التمسك بهدفك والسير في طريقك دون النظر إلى ما يسلكه الأخرون، حتى وإن كان مخالفا لهم، فإن كان طريقك صحيح فلا تبالي بما يقولون، فلا تجذبك كلماتهم وعباراتهم لتسير في طريقهم، فدائما الناس يقولون” لماذا لا تفعل؟! … فجميع الناس يفعلون هكذا … ” لا تفعل كما يفعل جميع الناس، فلكل فرد هدفهه، واجعل دائما هذا المثال نصب عينيك لكي تكمل طريقك ولا تنساق إلى ما يفعله الأخرون.
تخيل أنك ذهبت إلى محطة القطار لتسافر إلى الإسكندرية، فلم تجد القطار على الرصيف، ووجدت قطارا آخر وجهته أسوان، وفجأة وجدت الناس يركضون نحو قطار أسوان والكل يقول لك هيا أسرع سوف ينطلق القطار، فماذا تفعل؟! هل ستركض مثلهم وتركب معهم القطار قبل أن ينطلق؟! أم أنك ستنتظر قطار الإسكندرية الذي هو وجهتك؟!
اقرأ أيضًا: دار في خاطري| الكنز المزيف
نبذة عن الكاتبة:
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: