قهوة العلوم

علماء عصر النهضة الأوروبية

م.محمد عرجاوي:

أهلا بكم في قهوة العلوم،

في البداية تناول قهوتك لكي تنتعش وتنتبه معنا..

هل سمعت عن عصر النهضة الأوروبية  Renaissance والذي كان في الفترة من  1400 إلى 1600 ميلادية ؟ نعم هوذاك، فترة ظهور ليوناردودافنشي ومايكل انجلو،  لكن هؤلاء اشتهروا بكونهم فنانين، أما عن علماء الفلك والطبيعة فهناك علماء آخرين هم من بدأوا عصر النهضة في أوروبا، والذي بدأ عصر العلم وأصبح سبباً مباشراً لكل التقدم التكنولوجي الذي صرنا إليه..  تعال لنتعرف على هؤلاء العلماء ونعرف قصة كلٍ منهم.

في القرن السادس عشر الميلادي،  ظهر خمس علماء كان لهم دوراً محورياً في نقل أوروبا من حالة السبات العميق إلى مرحلة النهضة، وهم:  البولندي  كوبرنيكوس، الدنماركي تيخو براهي، الألماني كبلر، الإيطالي جاليليو  والإنجليزي نيوتن.

وفي قهوتنا سنتكلم كل مرة عن شخصية من هؤلاء الخمسة وعن أهم اعمالهم وكيفية تأثيرهم في بداية عصر العلم الذي ساهم في الخروج عن التابوهات والافكار الجامدة.

نبدأ بالفلكي البولندي كوبرنيكوس:

نيكولاس كوبرنيكوس، Nicolaus Copernicus (19 فبراير 1473 – 24 مايو1543):

يعتبر كوبرنيكوس اكثر العلماء الخمسة تأثيرا  لأنه هوصاحب الضربة الأولى التي زلزلت كيانات الجمود القائمة في عصره،  ليس هذا فحسب،  ولكنه تسبب في هدم الافكار الجامدة إلى غير رجعة. ويكفينا ذكر حقيقة وهي أن نتائج أطروحات كوبرنيكوس تعدت حدود الفلك وأثرت أيضاً في الفلسفة والثقافة الإنسانية كلها.

كوبرنيكوس
كوبرنيكوس

كوبرنيكس وضع نظرية دوران الأرض وأنها ليست مركزاً للكون،  وبهذا فقد ضرب كوبرنيكوس بنظرية بطليموس ـ أرسطوعرض الحائط والتي كانت هي النظرية السائدة لمدة 2000 عام.

متعدد المواهب والمعارف:

يعد كوبرنيكوس عالم رياضيات وفيلسوف وفلكي وقانوني وطبيب وإداري ودبلوماسي وجندي بولندي، ويعتبر كوبرنيكوس هوأول من وضع نظرية مركزية الشمس وأن الأرض تدور في فلكها،  وهو مطور نظرية دوران الأرض، وبهذه يعتبر كوبرنيكوس هو مؤسس علم الفلك الحديث في عصر النهضة الأوروبية.

في البداية، ونظراً لمناصب كوبرنيكوس الكثيرة، كان اهتمامه بالفلك على سبيل الهواية، لكن الفلك استهواه جداً لدرجة أنه قضى  20 عاماً وهويعمل على نظرية مركزية الشمس،  ووضع عمله الأساسي في كتاب بعنوان “حول دوران الأجرام السماوية” والذي انتهى من كتابته  في 1539م، وقد ظهر هذا الكتاب لأول مرة 1543 م في مدينة فيرمبورك قبيل وفاة كوبرنيكوس.

وخلاصة هذا الكتاب أن الشمس هي مركز مجموعة من الكواكب التي من بينها كوكب الأرض. وكان كوبرنيكوس قد بدأ سنة 1533 يعرض بعض مبادئ نظريته في مجموعة محاضرات  لكن بحذر خوفاً من أصحاب السلطة، ولما اكتمل كتابه عن دورة الأجرام السماوية، لم ينشره ولم يرَ هذا الكتاب النور إلا يوم وفاته. وفي هذا الكتاب أثبت أن الأرض تدور حول نفسها، وأن القمر يدور حول الأرض، وأن الأرض والكواكب الأخرى كلها تدور حول الشمس.

أما الدليل على صحة تعاليم كوبرنيكوس فقد أثبته كبلر بعد 80 سنة، بعد أن حرر نظرية كوبرنيكوس من نقائصها.

ابن الشاطر وتأثيره في كوبرنيكوس:

حتى منتصف القرن العشرين كان العلم يتصور أن أعمال كوبرنيكوس أصيلة وأنه هوالذي اخترعها، لكن بعد اكتشاف مخطوطات جديدة تعود إلى ابن الشاطر، تغير هذا التصور، لأن جميع النماذج الفلكية (ما عدا مركزية الشمس) التي استخدمها كوبرنيكوس كانت متشابهة مع أعمال مدرسة مراغة وبالتحديد مع ابن الشاطر، لدرجة أن أحد المؤرخين وصف نيكولاس كوبرنيكوس بـ”آخر طلاب مدرسة مراغة”

نويل سويردلو قال: “نموذج كوبرنيكوس عن كوكب عطارد كان متطابقاً مع نموذج ابن الشاطر الخاطئ أصلا”. وهذا يوضح أن كوبرنيكوس قد نقل نفس نموذج ابن الشاطر حرفياً دون ذكر المصدر،  لكنه انكشف بسبب تضمن النموذج لنفس الأخطاء.

ومؤرخ العلوم توبي هوف يقول عن الإنجازات العربية في العلوم الطبيعية: “ويتمثل هذا الإنجاز في العلوم الطبيعية خير ما يتمثل بتطوير النماذج الفلكية للعالم التي كانت تعادل رياضياً نماذج كوبيرنكس التي ظهرت بعد ما يقرب من مائتي سنة.”

وقد اكتشفوا مخطوطات عربية تعود إلى ابن الشاطر كانت مخبأة في بولندا مسقط رأس كوبرنيكوس والمكان الذي مات فيه، وهذا يؤكد بشكل واضح أن كوبرنيكوس كان ينقل من هذه المخطوطات وينسبها لنفسه، وإن كان كوبرنيكوس هونفسه خائفاً من نشر بحثه بسبب تشدد السلطة وقتها فالأرجح أنه كان يخشى فقط من اتهامه بالتأثر بأحد علماء العرب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى