قهوة العلوم

قانون نيوتن.. سر نصر العاشر من رمضان

همسة السيد:



“عبرنا القناة ورفعنا علم مصر” هكذا نشرت الصحف المصرية “مانشيت رئيسي” عقب نصر العاشر من رمضان “أكتوبر المجيد”، فكان العبور هو سبب الانتصار، وكان “قانون نيوتن” هو كلمة السر في هذا العبور، فما العلاقة بينهما؟

في آخر لقاء له قبل وفاته تحدث اللواء الراحل باقي زكي يوسف، عن حكاية تدمير خط برليف، فهو صاحب فكرة تدمير خط بارليف بمضخات المياه بديلا عن القنبلة التي كان الأجانب يعتقدون أنها الوحيدة القادرة على تدميره.

تخرج من كلية الهندسة جامعة عين شمس 1954، والتحق بالقوات المسلحة، ورشحته المؤسسة العسكرية ضمن الضباط المنتدبين للخدمة في السد العالي. 

قانون نيوتن:
“الفكرة دي من عند ربنا” الفضل كله لله، هكذا عبر اللواء يافع عن أنه لم يكن يعلم أن الخطة ستصبح أيقونة تاريخية فيما بعد.
ويعود بالذاكرة للخلف فلاش باك ليصف موقعه من خط بارليف ،كنت أشاهد العدو الإسرائيلي في الجانب المقابل للقنال، وأنا أشرف على المركبات في منطق عملي، وهم يبنون الساتر الترابي والمشهد كان في غاية الصعوبة.


ويوضح اللواء أن قانون نيوتن هو السبب في أن يفكر ب “الساتر الرملي”، فقانون نيوتن الثاني ونظرية المقذوف تقول إن (القوة = وزن الماء x V1 – V2)، أي القوة تساوي وزن الماءXالماء الناتج من مدفع الرش ناقص الماء الواصل إلى الساتر الترابي، ومعامل الانهيار=هذه القوة/المنطقة التي تخضع لضخ الماء على الساتر الترابي، وهذا يعني أن الرمال لا بد أن تسقط، ولو تحجرت جراء العوامل الجوية ستأخذ مزيداً من الوقت لكنها ستسقط حتماً في النهاية، ومن هنا جاءت الفكرة.

سري للغاية:

تم عرض الفكرة على الرئيس جمال عبدالناصر الذي قرر إجراء التجارب عليها، وأصبحت الفكرة (سري للغاية) لا ننطق به أمام أحد.
وأجريت 300 تجربة، أولها كان أغسطس 1969 في حلوان، على ساتر ترابي على طريقة المحاكاة، وطلمبة من السد العالي فتحت الثغرة في 3 ساعات ونصف، وآخرها كانت بداخل القنال نفسها على ساتر ترابي طبيعي نتيجة الحفر والتنضيف والتجهيز الخاصة بالقنال.
وبالفعل وفي تمام الثانية ظهراً بدأت الحرب، وبدخول السادسة مساء تم فتح أول ثغرة، وعند العاشرة مساء تهدمت 60 ثغرة من 85 مقررة، واستطاع هذا العدد تشغيل المعابر، ونزل قاع القنال حتى تلك اللحظة 90 ألف متر مكعب من الرمل، وبظهور الصباح تم تدمير الـ85 ثغرة بالكامل.

ويصف اللواء الراحل خلال حواره الأخير وجوده في يوم الحرب “الله أراد تكريمي” ووصف حظه أنه من ” السما وكنت أقوم بتأمين كل هذا القطاع، وعبرت 7 أكتوبر الساعة 7 صباحاً، ورأيت بعيني مراحل الفتح، العبور، أمّنت الضفة الثانية بعد العبور، وكنا فخورين رغم صعوبات هذه اللحظات، وكنا مُصرّين على النصر أو الشهادة”.

ذكريات:
وعن ذكرياته الخاصة في ذلك اليوم، قال باقي “هاتفني قائدي السابق سعد زغلول عبدالكريم، بمجرد وصول طلب اعتماد فكرة تدمير بارليف تحت اسمي، وقال لي: يا باقي أنا اليوم مضيت إمضاء من أشرف إمضاءاتي العسكرية، وقال لي نصاً: (أنت اديتنا الطفاشة اللي فتحت بوابة مصر) ..كلما أذكر هذه الجملة ينتفض جسدي حتى اليوم، وفي اليوم التالي مباشرة توفي بالسكتة القلبية مباشرة على مكتبه في قوات حرس الحدود، فكان لهذا الموقف الأثر البالغ في حياتي”.


وانتهى يوم العاشر من رمضان بالنصر العظيم، ولم تنتهِ ذكريات ذلك اليوم، ولازال يحمل بين طياته المزيد والمزيد من الحكايات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى