الصحة النفسية وأسرار النفس البشرية
وعن صحتنا النفسية نكتب:
كثيرا ما نسمع عن الصحة النفسية وكيف نحافظ عليها.. و كيف نطور من أدائنا نفسيا في الحياة وأسئلة كثيرة وكلام كثير هنا وهناك.. و لكن تعالوا نغوص معا في أعماق النفس البشرية وكيف نكتشف أنفسنا وكيف نتعامل مع الحياة بتقلباتها صعودا وهبوطا..
فلنبدأ رحلتنا.. الحقيقة أن الصحة النفسية تبدأ من فهمنا لذواتنا ووعينا بطريقة تعاملنا مع الحياة ثم يتطور الأمر و يتطور هذا الفهم رويدا رويدا حتى نصل لمرحلة النضج النفسي.. و لنبدأ بسؤال بسيط من أنا؟
والحقيقة أنه سؤال شديد التعقيد لكل إنسان فينا ذكرا أو أنثى.. شابا أو شيخا.. من أنا؟؟ تبدأ بوعيي بأخطائي.. فالأخطاء هي المعلم الأول للإنسان وهنا تبدأ رحلة الفهم وهنا تبدأ الصحة النفسية بحق وهنا هل سألت نفسك عن أخطائك التي ارتكبتها لم وقعت فيها؟؟ هل كنت مندفعا؟ قليل الأدوات في فهم الحياة ومواقفها؟ هل كنت دائما يتملكك الغرور و تدعي المعرفة في كل شيء؟..
والحقيقة أن كل ما ذكرته هي سمات شخصية أخطاء في التفكير تتفاوت في حدتها من شخص لآخر وهنا تبدأ المكاشفة ويبدأ الفهم العميق للذات وتبدأ لحظة الصدق الحقيقية وتبدأ رحلة الصحة النفسية الحقيقية.. الاعتراف بالضعف هو أول درجات الصحة النفسية.. الاعتراف أنك ستظل متعلما طوال حياتك كإنسان، هذه هي البداية و هذا هو السبيل وتعالوا فلنبحر في شيء بسيط من أخطاء تفكيرنا كبشر ولنرى كيف يؤثر على حياتنا ونحن لا ندري بل ويحولها جحيما..
المثالية أو البحث عن الكمال Perfectionism فالمثاليون و الباحثون عن الكمال في حالة من التوتر الدائم بلا انقطاع وتعالوا نتخيل كيف يعمل عقل الباحثون عن الكمال، خلق الله العقل البشري بوظيفة هامة تسمى المرونة العقلية Mental Flexibility وهذه الوظيفة هي التي تعيننا كبشر على التكيف والتأقلم مع أعتى الظروف ولذا نجد هذه الوظيفة مجمدة عند الباحثون عن الكمال لسبب بسيط لأنهم يرون أنهم لا يخطئون ولا يرتكبوا الحماقات مثل الآخرين ويقومون بحساب خطواتهم بدقة ويتطور الأمر لعدم الاعتراف بأخطائهم وتصبح هذه الطريقة في المعيشة جحيما مقيما لأن كل شيء يجب أن يكون محسوبا بدقة طريقة العمل والتعامل وحتى الاستمتاع بأبسط الأشياء والعلاقات مع الآخرين..
وهنا تبدأ كرة الثلج في التضخم من فقدان القدرة على الاستمتاع وتأجيل المهام خوفا من الوقوع في الخطأ.. للخلاف الدائم مع الآخرين لأنهم ليسوا على نفس الإيقاع ولا يسمعون لنا وتصبح هذه الصفة التي تعاظمت مع الوقت وتطورت ضغطا عصبيا شديدا وتصبح صحتنا في إنهاك دائم نظرا لما تفعله هذه الصفة والطريقة في التفكير في تكوينات مخنا عضويا وكيف ينهار جهاز مناعتنا النفسي والجسدي ونحن لا ندري.. وكيف ينهار نظام تأقلمنا العضوي مع ضغوط الحياة بهذه الطريقة في التفكير والمعيشة..
ولنسأل أنفسنا سؤالا بسيطا من الآن.. هل واجهت نفسك اليوم بأخطائك؟، هل اعترفت بضعفك؟ هل رأيت نفسك محتاجا للتعلم؟، هذه بداية بسيطة عن صحتنا النفسية.
وإلى الملتقى مع أحاديث كثيرة تطول حول أنفسنا وفهمها.. دمتم في سكينة وراحة بال أحبائي.