كاتب ومقال

رؤى التحول الاقتصادي والطاقة| رأس بناس: كنز سياحي على ساحل البحر الأحمر ينتظر الاكتشاف

عندما نتحدث عن التطور الاقتصادي وجذب الاستثمارات، نفكر غالبًا في المدن الكبرى والمناطق الصناعية، لكن الحقيقة أن كنوز مصر الطبيعية تظل إحدى أعظم الفرص التي تنتظر الاستثمار الذكي والرؤية الاستراتيجية. ومن بين هذه الكنوز نجد منطقة “رأس بناس” على ساحل البحر الأحمر، حيث تتمتع بمقومات تجعلها واحدة من الوجهات السياحية الواعدة عالميًا.

إن الحديث عن “رأس بناس” ليس مجرد استعراض لمنطقة ساحلية، بل هو استحضار لجزء من تاريخنا الطبيعي الذي لم ينل حقه من الاهتمام. هناك حيث تلتقي رمال الصحراء بزُرقة البحر، تختبئ شعاب مرجانية نادرة وجزر طبيعية لم تمس يد البشر جمالها الفطري. ورغم امتداد هذه المنطقة على طول 50 كيلومترًا داخل البحر الأحمر، إلا أن ما تمتلكه من جمال وأهمية يجعلها كنزًا استراتيجيًا يتجاوز حدود المسافات الجغرافية.

ما يميز “رأس بناس” ليس فقط موقعها الساحر، بل تنوع الأنشطة السياحية التي يمكن أن تحتضنها، من رياضات الغوص واستكشاف الشعاب المرجانية، إلى بناء منتجعات صحية وسياحية تعيد رسم خريطة السياحة المصرية. فالموقع الجغرافي للمنطقة يمنحها مناخًا معتدلاً على مدار العام، مما يجعلها مناسبة لاستقبال السياح من كل أرجاء العالم، ليس فقط في موسم الصيف، بل طوال السنة.

في ظل هذا الكم من المزايا، يبرز تساؤل هام:

كيف يمكن لمصر أن تستفيد من هذا الكنز؟

هنا يأتي دور التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة. فالرؤية الشاملة لتطوير “رأس بناس” يجب أن تتجاوز مفهوم المشاريع العقارية التقليدية، لتشمل تنمية بيئية مستدامة، تحافظ على التنوع البيولوجي الذي يميز المنطقة. كما يجب أن يظل الاستثمار في “رأس بناس” نموذجًا جديدًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث يُحدث نقلة نوعية في مفهوم السياحة والاستثمار في مصر.

ما يجعل هذا المشروع أكثر أهمية هو إمكانية أن يصبح نموذجًا للاستثمار الواعي والمسؤول، الذي يوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة. فتطوير “رأس بناس” يجب أن يتم بمواصفات عالمية، تراعي المعايير البيئية، وتضع في اعتبارها أن هذا الجمال الطبيعي ليس ملكًا للحاضر فقط، بل إرث للأجيال القادمة.

قد يتساءل البعض: لماذا الآن؟ ولماذا “رأس بناس” تحديدًا؟ الإجابة تكمن في أن الاقتصاد المصري بحاجة إلى قفزات نوعية لا تعتمد فقط على الصناعات التقليدية، بل تحتاج إلى توسيع رقعة الاستثمار نحو آفاق جديدة. و”رأس بناس”، بما تحمله من إمكانيات غير مستغلة، تمثل نافذة على مستقبل مختلف، يمكن من خلالها أن نشهد تحولًا دراماتيكيًا في خريطة السياحة المصرية، لتنافس أشهر الوجهات العالمية.

ختامًا، “رأس بناس” ليست مجرد مشروع استثماري أو خطة تنموية، بل هي حلم يراود كل من يطمح في رؤية مصر تحتل مكانتها الطبيعية كواحدة من أفضل الوجهات السياحية في العالم. هذا الحلم يمكن تحقيقه إذا ما أُحسن استغلال هذا الكنز الطبيعي بعين الخبرة والرؤية الاستراتيجية، ليكون نموذجًا نفاخر به أمام العالم أجمع.

بقلم:
شحاتة زكريا
باحث في علوم الطاقة والاقتصاد.. ومتخصص في تحليل المشهد السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى